لأن العوام تبع لهم، وهم على هذه الصفة فمن أين الطمع في إيمانهم؟ وقيل: وقد كان فريق منهم، أي جماعة من اليهود، وقيل: هم علماء السوء، عن مجاهد.
وقيل: هم السبعون الذين سمعوا كلام الله وقت المناجاة، عن ابن عباس يسمعون كلام الله قيل: التوراة تقرأ عليهم ويحرفونه، عن الحسن ومجاهد والأصم وجماعة.
وقيل: هو كلام الله لموسى وقت المناجاة سمعه الذين اختارهم موسى لسماعه، فلما رجعوا إلى قومهم حرفوه، وهم السبعون، عن ابن عباس. وقيل: هو صفة محمد صلى الله عليه وآله وسلم المذكورة في التوراة ثم يحرفونه يعني يغيرونه من بعد ما عقلوه يعني علموه فأنكروه عنادا وهم يعلمون قيل: تعمدهم للتحريف، وتركهم الحق، وقيل: يعلمون أنهم كاذبون في ذلك، وقيل: يعلمون ما عليهم في ذلك.
ومتى قيل: وما في ترك فريق الإيمان ما يوجب الإياس عن إيمان فريق آخر؟
قلنا: لأنهم جروا على طريقتهم في العناد، وعلم تعالى من حالهم أنهم لا يؤمنون، وغلب على ظن المسلمين ذلك.
فإن قيل: فمع وقوع الإياس كيف دعاهم النبي، صلى الله عليه وسلم - وهل يحسن ذلك؟
قلنا: بلى، وتحسن الدعوة لقدرتهم على الإيمان.
ويقال: إذا كان الكتاب حجة فلم لم يمنعهم من تحريفه؟
قلنا: يحتمل أنهم حرفوا المعنى دون اللفظ، كما يفعله المبتدعة في هذه الأمة في تأويل الآيات المتشابهة، وقيل: ذلك عوامهم، ويحتمل أنهم حرفوا اللفظ، وكان ذلك من العلماء، وتبعهم العوام للشبهة؛ إذ لا يجوز على الجمع الكثير التواطؤ، ثم هذا التحريف على ضربين: إن أثر ذلك في كونه حجة على المكلفين فلا بد أن يمنعهم منه ، وإن لم يؤثر فيجوز ألا يمنعهم.
* * *
(الأحكام)
قال أبو علي: الآية تدل على أن جميعهم لم يعلموا ذلك، وإلا لم يكن لتخصيص فريق بذلك معنى؛ فيبطل به قول أصحاب المعارف.
مخ ۴۴۴