203

Tahdheer 'Uloom al-Hadith

تحرير علوم الحديث

خپرندوی

مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

ژانرونه

وتفسير ذلك:
لو أن زيدًا من النقاد قال: (فلان كذاب)، ووجدنا عامة النقاد على موافقته في جرح ذلك الراوي بالتكذيب أو ما يقرب منه، فلا يصح رد كلام ذلك الناقد (١)، ولو وجدناهم اختلفوا فمنهم من وافقه ومنهم من خالفه، لم نقدر أن نقول: (قوله غير منصف)، وإنما نبحث عن طريق آخر للترجيح، ولو وجدناه انفرد بما خالفوه فيه، فإن كان فسر قوله وبين حجة مقنعة قبلناه، وإلا رددنا، وإن كان المنتقد ممن ثبت عدالته واشتهر صدقه فهذا لا يلتفت معه إلى قول الجارح ويحمل على الغلط أو عدم الإنصاف.
ومن أكثر ما وقعت به مجاوزة الإنصاف: الكلام بسبب اختلاف العقائد والمذاهب، وقليل بسبب الغضب، ونادر منه ما قد يحمل على الحسد، فتفطن لذلك.
وهذه أمثلة منقسمة على هذه الوجوه المختلفة:
[١] الحافظ إبراهيم بن يعقوب الجوزاجاني (المتوفى سنة: ٢٥٩)، له مصنف في جرح الرواة تحامل فيه على طائفة من ثقات الكوفيين واصفًا لهم بالزيغ والانحراف وغير ذلك، بسبب ما كان يميل إليه الكوفيون من التشيع، والجوزجاني كان قد سكن الشام، وكان أهلها يميلون إلى النصب، وهو الانحراف عن أهل البيت، فصدرت عباراته في الجرح واضحة التأثر بذلك؛ لذا فإنه لا يقبل كلامه في كوفي إلا أن يوافق من ناقد لم يوصم بذلك.

(١) مثل قول الإمام مالك بن أنس في (عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان المدني): " كذاب "، فإنه عامة نُقَّاد المحدثين مطبقون على وَهاء هذا الرجل وسُقوطه، وكذَّبه منهم طائفة، فما نقله أحمد بن صالح المصري قال سألت عبدَ الله بن وهب عن عبد الله بن زياد بن سِمعان؟ فقال: " ثقةٌ "، فقلت: إن مالكًا يقول فيه: كذاب؟ فقال: " لا يُقبل قول بعضهم في بعْض ". (تاريخ أبي زُرعة الدمشقي ١/ ٣٧٩، جامع بيان العلم لابن عبد البر ٢/ ١٥٧)، فهذا الرد من ابن وهبٍ غير معتبر، فمالكٌ تكلم فيه بالإنصاف الذي اتفق عليه عامة الأئمة النقاد بعده.

1 / 215