الثَّالِث: أَن السَّلَام بِمَعْنى المسالمة لَهُ والانقياد، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شجر بَينهم ثمَّ لَا يَجدوا فِي أنفسهم حرجًا مِمَّا قضيت يسلمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النِّسَاء: ٦٥] .
تَنْبِيه: أضفنا السَّلَام إِلَى الصَّلَاة / عَلَيْهِ - صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ - لنخرج من خلاف الْعلمَاء فِي كَرَاهَة إِفْرَاد الصَّلَاة عَلَيْهِ.
لِأَن بعض أهل الْعلم كره إِفْرَاد الصَّلَاة عَلَيْهِ من غير ذكر السَّلَام، لقَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا﴾ [الْأَحْزَاب: ٥٦] .
وَلِهَذَا قَالَ النَّوَوِيّ فِي خطْبَة " شرح مُسلم ": (يكره إِفْرَاد الصَّلَاة عَن التَّسْلِيم) انْتهى.
وَكَانَ يَنْبَغِي لمن يُصَلِّي عَلَيْهِ أَن يسلم، امتثالًا لقَوْله تَعَالَى: ﴿وسلموا تَسْلِيمًا﴾ [الْأَحْزَاب: ٥٦] .
وَقَالَ النَّوَوِيّ - أَيْضا - مَا مَعْنَاهُ: (إِن الْعلمَاء كَرهُوا ذَلِك)، وَظَاهره أَنه مُتَّفق عَلَيْهِ.
قَالَ بعض الْعلمَاء الْمُتَأَخِّرين - الَّذِي لم يطلع إِلَّا على نقل النَّوَوِيّ وَكَأَنَّهُ سلمه إِلَيْهِ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ -: (والعذر عَمَّن أفرد من الْعلمَاء الصَّلَاة، أَنه قد يكون الْمَعْنى كَرَاهَة اتِّخَاذ الْإِفْرَاد عَادَة، وعَلى هَذَا يَكْفِي جَمعهمَا مرّة.