[136] ولما قايسوا بين هذه العقول المفارقة وبين العقل الانسانى رأوا ان هذه العقول أشرف من العقل الانسانى وان كانت تشترك مع العقل الانسانى فى ان معقولاتها هى صور الموجودات وان صورة واحد واحد منها هو ما يدركه هو من صور الموجودات ونظامها كما ان العقل الانسانى انما هو ما يدركه من صور الموجودات ونظامها لكن الفرق بينهما ان صور الموجودات هى علة للعقل الانسانى اذ كان يستكمل بها على جهة ما يستكمل الشىء الموجود بصورته واما تلك فمعقولاتها هى العلة فى صور الموجودات وذلك ان النظام والترتيب فى الموجودات انما هو شىء تابع ولازم للترتيب الذى فى تلك العقول المفارقة واما الترتيب الذى فى العقل الذى فينا فانما هو تابع لما يدركه من ترتيب الموجودات ونظامها ولذلك كان ناقصا جدا لان كثيرا من الترتيب والنظام الذى فى الموجودات لا يدركه العقل الذى فينا .
[137] فاذا كان ذلك كذلك فلصور الموجودات المحسوسة مراتب فى الوجود اخسها وجودها فى المواد ثم وجودها فى العقل الانسانى أشرف من وجودها فى المواد ثم وجودها فى العقول المفارقة أشرف من وجودها فى العقل الانسانى ثم لها ايضا فى تلك العقول مراتب متفاضلة فى الوجود بحسب تفاضل تلك العقول فى انفسها .
مخ ۲۱۶