[73] قال ابو حامد مجيبا عن الفلاسفة فان قيل اذا عرف مذهبنا اندفع الاشكال فان الموجودات تنقسم الى ما هى فى محل كالاعراض والصور والى ما هى ليست فى محل وهذا ينقسم الى ما هى محل لغيرها كالاجسام والى ما هى ليست بمحل كالموجودات التى هى جواهر قائمة بانفسها وهى تنقسم الى ما تؤثر فى الاجسام ونسميها نفوسا والى ما لا تؤثر فى الاجسام بل فى النفوس ونسميها عقولا مجردة . فاما الموجودات التى تحل فى المحل كالاعراض فهى حادثة ولها علل حادثة وتنتهى الى مبدأ هو حادث من وجه دائم من وجه وهى الحركة الدورية وليس الكلام فيها . وانما الكلام فى الاصول القائمة بانفسها لا فى محل وهى ثلاثة اجسام وهى اخسها وعقول مجردة وهى التى لا تعلق لها بالاجسام لا بالعلاقة الفعلية ولا بالانطباع فيها وهى اشرفها ونفوس وهى اوسطها فانها تتعلق بالاجسام نوعا من التعلق وهو التأثير والفعل فيها فهى متوسطة فى الشرف فانها تتأثر من العقول وتؤثر فى الاجسام ثم الاجسام عشرة تسع سماوات والعاشر المادة التى هى حشو مقعر فلك القمر والسماوات التسع حيوانات لها اجرام ونفوس ولها ترتيب فى الوجود كما نذكره . وهو ان المبدأ الاول فاض من وجوده العقل الاول وهو موجود قائم بنفسه ليس بجسم ولا منطبع فى جسم يعرف نفسه ويعرف مبدأه وقد سميناه العقل الاول ولا مشاحة فى الاسامى سمى ملكا أو عقلا أو ما أريد ويلزم عن وجوده ثلاثة امور عقل ونفس الفلك الاقصى وهى السماء التاسعة وجرم الفلك الاقصى ثم لزم من العقل الثانى عقل ثالث ونفس فلك الكواكب وجرمه ثم لزم من العقل الثالث عقل رابع ونفس فلك زحل وجرمه ولزم من العقل الرابع عقل خامس ونفس فلك المشترى وجرمه وهكذا حتى انتهى الى العقل الذى لزم منه عقل ونفس فلك القمر وجرمه . والعقل الاخير هو الذى يسمى العقل الفعال ثم لزم حشو فلك القمر وهى المادة القابلة للكون والفساد من العقل الفعال وطبائع الافلاك ثم ان المواد تمتزج بسبب حركات الافلاك والكواكب امتزاجات مختلفة تحصل منها المعادن والنبات والحيوان ولا يلزم ان يلزم من كل عقل عقل الى غير نهاية لان هذه العقول مختلفة الانواع فما ثبت لواحد لا يلزم للآخر . فخرج منه ان العقول بعد المبدأ الاول عشرة والافلاك تسعة ومجموع هذه المبادى الشريفة بعد الاول تسعة عشر وحصل منه أن تحت كل عقل من العقول الاول ثلاثة اشياء عقل ونفس فلك وجرمه فلا بد وان يكون فى مبداه تثليث لا محالة ولا يتصور كثرة فى المعلول الاول الا من وجه واحد وهو انه يعقل مبدأه ويعقل نفسه وهو باعتبار ذاته ممكن الوجود لان وجوب وجوده بغيره لا بنفسه وهذه معان ثلاثة مختلفة فالاشرف من المعلولات الثلاثة ينبغى ان ينسب الى الاشرف من هذه المعانى فيصدر منه العقل من حيث انه يعقل مبدأه ويصدر نفس الفلك من حيث انه يعقل نفسه ويصدر جرم الفلك من حيث انه ممكن الوجود بذاته . فيبقى ان يقال هذا التثليث من أين حصل فى المعلوم الاول ومبداه واحد فنقول لم يصدر من المبدأ الاول الا واحد وهو ذات هذا العقل الذى به يعقل نفسه ولزمه ضرورة لا من جهة المبدأ ان عقل المبدأ وهو فى ذاته ممكن الوجود وليس له الامكان من المبدأ الأول بل هو لذاته ونحن لا نبعد ان يوجد من الواحد واحد يلزم ذلك المعلول لا من جهة المبدأ امور ضرورية اضافية أو غير اضافية فيحصل بسببه كثرة ويصير بذلك مبدأ الوجود الكثرة فعل هذا الوجه يمكن ان يلتقى المركب بالبسيط اذ لا بد من الالتقاء ولا يمكن الا كذلك فهو الذى يجب الحكم به . فهذا هو القول فى تفهيم مذهبهم
[74] قلت هذا كله تخرص على الفلاسفة من ابن سينا وأبى نصر وغيره
[75] ومذهب القوم القديم هو ان ههنا مبادى هى الاجرام السماوية ومبادى الاجرام السماوية موجودات مفارقة للمواد هى المحركة للاجرام السماوية والاجرام السماوية تتحرك اليها على جهة الطاعة لها والمحبة فيها والامتثال لامرها اياها بالحركة والفهم عنها وانها انما خلقت من اجل الحركة .
مخ ۱۸۴