{ وما من إله إلا الله } فحصر الإلهية له تعالى. { وإن الله لهو العزيز الحكيم } إشارة إلى وصفي الألوهية وهما القدرة الناشئة عن الغلبة فلا يمتنع عليه شيء والعلم المعبر عنه بالحكمة فيما صنع والاتقان لما اخترع فلا يخفى عليه شيء. وهاتان الصفتان منفيتان عن عيسى عليه السلام. { فإن تولوا } يجوز أن يكون مضارعا حذفت منه التاء أصله تتولوا.
ويجوز أن يكون ماضيا وتوليهم عن ما جئت به في أمر عيسى وفي صحة نبوتك ومعنى علمه تعالى اطلاعه على أحوالهم فيعاقبهم على توليهم. و { بالمفسدين } جاء باسم الفاعل الدال على الثبوت وجاء جمعا ليعمهم وغيرهم من أهل الفساد.
{ قل يأهل الكتاب } قال ابن عباس: نزلت في القسيسين والرهبان بعث بها النبي صلى الله عليه وسلم إلى جعفر وأصحابه بالحبشة فقرأها جعفر والنجاشي جالس وأشراف الحبشة. وقيل: نزلت في وفد نجران واللفظ عام فيهم وفي غيرهم.
{ سوآء } صفة للكلمة وهو مصدر وصف به أي مستوية. { بيننا وبينكم } وهذا دعاء إنصاف. وقرىء سواء بالنصب وخرج على أنه منصوب على المصدر بفعل محذوف استوت استواء ويجوز انتصابه على الحال من النكرة وإن لم توصف نص على ذلك سيبويه.
{ ألا نعبد إلا الله } في موضع جر على البدل من كلمة. { ولا نشرك به شيئا } توكيد للجملة التي قبلها لأن من أفرد العبادة لله تعالى وحصرها فيه لا يشرك بالله شيئا وانتصب شيئا على أنه مفعول به أو مصدر { ولا يتخذ بعضنا بعضا } أي لا نتخذهم. { أربابا } فنعتقد فيهم الالهية ونعبدهم على ذلك كعزير وعيسى عليهما السلام. { فإن تولوا } عن الإقرار بالكلمة. { فقولوا اشهدوا } أي اعلموا أنا مباينون لكم منقادون لها وهذه الآية في الكتاب الذي وجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع دحية إلى عظيم بصرى فدفعه إلى هرقل.
[3.65-69]
{ لم تحآجون } ادعت اليهود ان إبراهيم عليه السلام كان يهوديا والنصارى قالوا كان نصرانيا وحاجوا في ذلك. وما في لم استفهامية حذفت ألفها أنكر سبحانه وتعالى عليهم دعواهم وبين أن اليهودية إنما هي منتسبة لمن أنزل عليهم التوراة، والنصرانية لمن أنزل عليهم الإنجيل، وهما إنما أنزلا بعد إبراهيم عليه السلام وهذا إلزام واضح.
{ أفلا تعقلون } تنبيه على عدم عقلهم إذ نسبوا شيئا متأخرا لمن كان متقدما. { فيما لكم به علم } أي على دعواكم في قصة عيسى عليه السلام إذ كانوا قد شاهدوه وإن كانوا قد نسبوه إلى ما لا يليق بما لا يكون له من ادعاء الإلهية فيه كما ادعت النصارى أو قذفه بما هو باطل كادعاء اليهود فيه.
{ فيما ليس لكم به علم } هي دعواهم من إبراهيم عليه السلام. { والله يعلم } أي دين إبراهيم الذي حاججتهم فيه. و { ما كان إبراهيم } الآية أعلم تعالى براءة إبراهيم من هذه الأديان وبدأ بانتفاء اليهودية لأن شريعة اليهود أقدم من شريعة النصارى وكرر لا لتأكيد النفي عن كل واحد من الدينيين ثم استدرك ما كان عليه. بقوله:
{ ولكن كان حنيفا مسلما } ووقعت لكن هنا أحسن مواقعها إذ هي واقعة بين النقيضين بالنسبة إلى اعتقاد الحق والباطل ولما كان الكلام مع اليهود والنصارى كان الإستدراك بعد ذكر الانتفاء عن شريعتيهما ثم نفى على سبيل التكميل للتبري من سائر الأديان كونه من المشركين وهم عبدة الأصنام كالعرب الذين كانوا يدعون أنهم على دين إبراهيم وكالمجوس عبدة النار وكالصابئة عبدة الكواكب ولم ينص على تفصيلهم لأن الإشراك يجمعهم. { إن أولى الناس } الآية. وقال ابن عباس: قالت رؤساء اليهود والله يا محمد لقد علمت أنا أولى الناس بدين إبراهيم منك ومن غيرك وانه كان يهوديا وما بك إلا الحسد. فنزلت فأولى الناس أخضهم به وأقربهم منه في الولي وهو القرب وأولى أفضل تفضيل، والمفضل عليه محذوف تقديره منكم أهل الكتاب.
ناپیژندل شوی مخ