164

تفسير میزان

تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي

ژانرونه

تفسیر

فإن قلت: كل ما ذكر من معنى الإسلام وإراءة المناسك والتوبة مما يليق بشأن إبراهيم وإسمعيل (عليهما السلام)، لا يلزم أن يكون هو مراده في حق ذريته فإنه لم يشرك ذريته معه ومع ابنه إسماعيل إلا في دعوة الإسلام وقد سأل لهم الإسلام بلفظ آخر في جملة أخرى، فقال: ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ولم يقل: واجعلنا ومن ذريتنا مسلمين، أو ما يؤدي معناه فما المانع أن يكون مراده من الإسلام ما يعم جميع مراتبه حتى ظاهر الإسلام، فإن الظاهر من الإسلام أيضا له آثار جميلة، وغايات نفيسة في المجتمع الإنساني، يصح أن يكون بذلك بغية لإبراهيم (عليه السلام) يطلبها من ربه كما كان كذلك عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث اكتفى (صلى الله عليه وآله وسلم) من الإسلام بظاهر الشهادتين الذي به يحقن الدماء، ويجوز التزويج، ويملك الميراث، وعلى هذا يكون المراد بالإسلام في قوله تعالى: ربنا واجعلنا مسلمين لك، ما يليق بشأن إبراهيم وإسماعيل، وفي قوله: ومن ذريتنا أمة مسلمة لك، ما هو اللائق بشأن الأمة التي فيها المنافق، وضعيف الإيمان وقويه والجميع مسلمون.

قلت مقام: التشريع ومقام السؤال من الله مقامان مختلفان، لهما حكمان متغايران لا ينبغي أن يقاس أحدهما على الآخر، فما اكتفى به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أمته بظاهر الشهادتين من الإسلام، إنما هو لحكمة توسعة الشوكة والحفظ لظاهر النظام الصالح، ليكون ذلك كالقشر يحفظ به اللب الذي هو حقيقة الإسلام، ويصان به عن مصادمة الآفات الطارئة.

وأما مقام الدعاء والسؤال من الله سبحانه فالسلطة فيها للحقائق، والغرض متعلق هناك بحق الأمر، وصريح القرب والزلفى ولا هوى للأنبياء في الظاهر من جهة ما هو ظاهر ولا هوى لإبراهيم (عليه السلام) في ذريته ولو كان له هوى لبدأ فيه لأبيه قبل ذريته ولم يتبرأ منه لما تبين أنه عدو لله، ولم يقل في ما حكى الله من دعائه "ولا تخزني يوم يبعثون، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم": الشعراء - 89، ولم يقل "واجعل لي لسان صدق في الآخرين": الشعراء - 84، بل اكتفى بلسان ذكر في الآخرين إلى غير ذلك.

فليس الإسلام الذي سأله لذريته إلا حقيقة الإسلام، وفي قوله تعالى: أمة مسلمة لك، إشارة إلى ذلك فلو كان المراد مجرد صدق اسم الإسلام على الذرية لقيل: أمة مسلمة، وحذف قوله: لك، هذا.

قوله تعالى: ربنا وابعث فيهم رسولا منهم إلخ دعوة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: "أنا دعوة إبراهيم

بحث روائي

في الكافي، عن الكناني:، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل نسي أن يصلي الركعتين عند مقام إبراهيم في طواف الحج والعمرة، فقال (عليه السلام) إن كان بالبلد صلى الركعتين عند مقام إبراهيم، فإن الله عز وجل يقول: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وإن كان قد ارتحل، فلا آمره أن يرجع.

أقول: وروى قريبا منه، الشيخ في التهذيب، والعياشي في تفسيره بعدة أسانيد وخصوصيات الحكم - وهو الصلاة عند المقام أو خلفه، كما في بعض الروايات: ليس لأحد أن يصلي ركعتي الطواف إلا خلف المقام، الحديث - مستفادة من لفظة من، ومصلى من قوله تعالى: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى الآية.

وفي تفسير القمي، عن الصادق (عليه السلام): في قوله تعالى: أن طهرا بيتي للطائفين الآية يعني "نح عنه المشركين".

وفي الكافي، عن الصادق (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل يقول في كتابه: طهرا بيتي للطائفين والعاكفين، والركع السجود، فينبغي للعبد أن لا يدخل مكة إلا وهو طاهر قد غسل عرقه، والأذى، وتطهر.

أقول: وهذا المعنى مروي في روايات أخر، واستفادة طهارة الوارد من طهارة المورد، ربما تمت من آيات أخر، كقوله تعالى "الطيبات للطيبين، والطيبون للطيبات": النور - 26 ونحوها.

مخ ۱۶۵