وقال تعالى: (اعملوا آل داود شكرا) 1 فتراه واقعا على العمل.
فالشكر على هذا أعم من الحمد، لأنه يكون باللسان وغيره والحمد لا يكون إلا باللسان، والحمد أعم من جهة أخرى، لأنك تحمد على ما فعل معك وعلى ما فعل مع غيرك، والشكر إنما هو خاص بما فعل معك، لأن شكرت بمعنى جازيت في العرف. وأصل الحمد والشكر في اللغة أن يكونا لشيء واحد كما ذكرت لك عن سيبويه وثعلب، وهو مبتدأ "لله" هو الخبر، والمجرور إذا وقع خبرا أو صفة أو صلة تعلق بمحذوف لا يظهر. وسيأتي الكلام في قوله تعالى: (فلما رآه مستقرا عنده) 2 إن شاء الله 3.
والأكثر في الحمد الرفع؛ لأنه معرفة، ويجوز النصب، وإذا كان نكرة فالأكثر فيه النصب، وجاء على طريقة الإخبار كأن الشيء قد وقع والمراد به بالإنشاء وهذا مذكور في كتاب سيبويه، إلا أن القراء لم يقرأه إلا بالرفع، لأنه كله يصح.
وهناك قراءة نقلت، وهي شاذة فيها الاتباع، اتباع الدال اللام 4، واتباع اللام للدال 5، ومنها النصب 6في الحمد لله.
"رب العالمين": رب وزنه فعل بكسر العين، والأصل: ربب ثم أدغم وليس أصله فعلا بسكون العين، لأنهم قالوا في الجمع أرباب، وليس الأصل فعلا بفتح العين؛ إذ لو كان كذلك لم يدغم ألا ترى الطلل والشرر لم يدغما، وليس الأصل فعلا بضم العن، لأن هذا يقل في الصفات، وفعل بكسر العين يكثر فيها، قالوا: حذرا وبطرا، وأشرا وعثرا، وهو كثير، ولا ينبغي أن يحمل على الأقل ما قدرت على الأكثر.
مخ ۳۸۳