وهذا كله ليس من طريق كلام العرب؟ ألا ترى أن فعل، نحو: حذر أبلغ من حاذر وإن كان أقل منه حروفا، وإنما الأمر على ما ذكرت لك- والله أعلم-.
وهذه الصفات جارية على اسمه تعالى وهو الله، فهذا هو اسمه وما عداه جار عليه؟ لأن له معنى زائدا على الذات، فالرحمن فيه الرحمة، والعليم يدل على العلم والكريم يدل على الكرم والعزيز يدل على العزة، والقاهر يدل على القهر، فهذه صفات. جارية على الاسم، وهو ما ذكرته.
(الحمد لله) : قال سيبويه: هذا لا يستعمل إلا في حقه سبحانه إذا أردت العظمة، فإن أردت بالألف واللام شيئا مخصوصا كما تقول: هذا الثناء على فلان إذا سمعت شخصا يثني عليه، فهذا يكون في غيره سبحانه، فإن أردت معنى العظمة فهو مختص به ولا يقال في غيره. وما تجده لبعض المولدين فهو تعنت وإجراء للشيء على غير ما أجرته العرب.
قال ثعلب: حمدت الرجل إذا شكرت له صنيعه، وقال سيبويه وقالوا:: حمدته جزيته وقضيته حقه.
فهذا يدل على أن الحمد والشكر معناهما واحد في أصل اللغة، إلا إن العرف خصص الحمد بالمدح ولا يكون إلا باللسان، والشكر خصصه بالجزاء، فيقال على ثلاثة أوجه:
تقول: شكرت الرجل إذا شكرته بلسانك.
وتقول: شكرت الرجل إذا خدمته بإعطائك.
وتقول: شكرت الرجل إذا اعتقدت أنه قد أحسن إليك، قال الشاعر1:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحجبا
1البيت من شواهد الزمخشري في الكشاف 47/1 ولم يعزه، وأورده السمين الحلبي في الدر المصون 36/1
ولم يعزه، والشاهد فيه قوله يدي ولساني والضمير حيث أفادت هذه الكلمات الثلاث معنى الشكر في معانيه الثلاثة، فاليد كناية عن العطاء، ولساني كنى بها عن الشكر، والضمير كناية عن الاعتقاد.
مخ ۳۸۲