308

تفسير کبير

التفسير الكبير

ژانرونه

" أكتب في آخر كتابهم: أن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم "

فلما حل الأجل طلبت ثقيف من بني المغيرة رباهم؛ فقالت بنو المغيرة: ما بالنا نكون أشقى الناس؛ وضع الربا عن الناس كلهم ويؤخذ منا خاصة! فقالت لهم ثقيف: إنا صالحنا على ذلك، فاختصموا إلى أمين مكة وهو عتاب بن أسيد، فلم يدر ماذا يقضي بينهم، فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فأنزل الله هذه الآية خطابا لثقيف).

ومعناها: { يأيها الذين آمنوا اتقوا } اخشوا الله واتركوا { ما بقي من الربوا } فإنه لم يبق غير رباكم { إن كنتم مؤمنين } أي مصدقين بتحريم الربا فهذا حكمه.

[2.279-280]

قوله عز وجل: { فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله }؛ أي إن لم تقبلوا أمر الله ولم تقروا بتحريم الربا ولم تتركوه، فاعلموا أنكم كفار يحاربكم الله ورسوله؛ أي يعذبكم الله في الآخرة بالنار؛ ويعذبكم رسوله في الدنيا بالسيف. والإذن: الإعلام، ومن قرأ (فأذنوا) أي فأعلموا أصحابكم المتمسكين بمثل ما أنتم عليه: أن من عامل بالربا مستحلا له حاربهم الله ورسوله.

وقيل: معنى الآية: فإن لم تتركوا ما بقي من الربا بعد نزول الأمر بتركه { فأذنوا بحرب من الله ورسوله }.

ومثل هذا اللفظ لا يوجب الإكفار؛ لأن لفظ محاربة الله ورسوله يطلق على ما دون الكفر كما في آية قطاع الطريق. وهذا الحكم في آية الربا إنما هو مستقيم إذا اجتمع أهل بلدة لهم منعة وقوة على المعاملة بالربا وكانوا محرمين له، فإن الإمام يستتيبهم؛ فإن تابوا وإلا قاتلهم. وأما إذا عامل واحد أو جماعة قليل عددهم معاملة الربا، فإن الإمام يستتيبهم؛ فإن تابوا وإلا زجرهم وحبسهم إلى أن يظهروا توبتهم. وقد روي عن ابن عباس وقتادة والربيع فيمن أربا: (أن الإمام يستتيبه، فإن تاب وإلا قتله). فهذا محمول على أن يفعله مستحلا له؛ لأنه على خلاف بين العلماء أنه ليس بكافر إذا اعتقد تحريمه.

قوله تعالى: { وإن تبتم فلكم رؤوس أمولكم لا تظلمون ولا تظلمون }؛ أي فإن رجعتم عن استحلال الربا وأقررتم بتحريمه. ويقال: إن تبتم عن معاملة الربا { فلكم رؤوس أمولكم } التي أسلفتموها بني المغيرة، { لا تظلمون } بطلب الزيادة على رأس المال، { ولا تظلمون } بحبس رأس المال عنكم.

قال ابن عباس: (فلما نزلت هاتان الآيتان، كتب بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عتاب، فقرأهما على ثقيف فقالوا: بلى، نتوب إلى الله فإنه لإيذان لنا بحرب الله ورسوله، ثم طلبوا رؤوس أموالهم من بني المغيرة، فقالت بنو المغيرة: نحن اليوم أهل عسر وأخرونا إلى أن تدرك الثمار، فأبوا أن يؤخروهم، فنزل قوله عز وجل: { وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة }؛ أي إن كان المطلوب ذا ضيق وشدة؛ فتأخيره إلى سعة ويسار.

وروي عن ابن عباس وشريح وإبراهيم: (أن الإنظار إنما يجب في الدين، يعني دين الربا خاصة). وكان شريح يحبس المعسر في غيره من الديون. وعن أبي هريرة والحسن والضحاك: (أن ذلك واجب في كل دين) وهذا هو الأصح؛ لأن نزول الآية في رأس مال الربا لا يمنع اعتبار سائر الديون بها بالاستدلال والقياس.

ناپیژندل شوی مخ