وأما السنة: فما
" روي أن رفاعة القرظي طلق امرأته ثلاثا، فتزوجها عبدالرحمن ابن الزبير، فجاءت إلى رسول الله تريد أن ترجع إلى زوجها الأول، فقال صلى الله عليه وسلم: " هل جامعك عبدالرحمن؟ " فقالت: ما الذي معه إلا كهدبة ثوبي هذا. فقال صلى الله عليه وسلم: " أفتريدين أن ترجعي إلى زوجك الأول؟ " قالت: نعم، قال صلى الله عليه وسلم: " لا؛ حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك " فندمت على مقالتها، فقالت: يا رسول الله قد طاف بي، فقال: " لا أصدقك الآن " ".
قوله عز وجل: { فإن طلقها فلا جناح عليهمآ أن يتراجعآ } حكم الطلاقين إذا كان على وجه الخلع، وأبان عن موضع الحظر والإباحة فيها، ثم ذكر حكم الطلقة الثالثة بالآية التي بعد هذه الآية. وهذا مما يستدل به على المختلعة يلحقها الطلاق؛ لأن عامة الفقهاء اتفقوا على أن تقدير الآية وترتيب أحكامها على ما وصفناه؛ فحصلت التطليقة الثالثة بعد الخلع؛ أي فإن طلقها الزوج الثاني بعدما دخل بها، فلا حرج على المرأة والزوج الأول أن يتراجعا؛ بأن يتزوجها مرة أخرى بعد انقضاء العدة.
قوله تعالى: { إن ظنآ أن يقيما حدود الله } أي إن علما بغالب ظنهما أنهما يقيمان حدود الله فيما بينهما؛ لأنهما قد افترقا؛ ورأى الزوج وحدته ورأت المرأة غربتها ووحشتها.
والحكمة في شرط دخول الزوج الثاني بها: أن الطلاق لما كان من أبغض المباحات إلى الله تعالى على ما ورد به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن من أبغض المباحات إلى الله تعالى الطلاق "
شرط الله في حرمة الطلقة الثالثة ما يكبر على الأزواج من غشيان غير تلك المرأة؛ حتى لا يعجلوا بالطلاق عند الغضب ولا يطلقوا إلا على وجه السنة.
قوله عز وجل: { وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون }؛ أي هذه الآية التي ذكرت أحكام الله وفرائضه يبينها في القرآن لقوم يعلمون أوامر الله تعالى؛ وإن ما يأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق. وتخصيص العلماء في هذه الآية؛ لأنهم هم الذين يحفظون أوامر الله وأحكامه وينتفعون بالآيات. وقيل: خصهم الله بالذكر على جهة النباهة لهم كما خص جبريل وميكائيل من بين الملائكة على جهة النباهة لهما.
[2.231]
قوله عز وجل: { وإذا طلقتم النسآء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا }؛ نزلت في ثابت بن يسار الأنصاري؛ طلق امرأته حتى إذا انقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثة؛ وكادت تبين منه راجعها، ثم طلقها ففعل بها مثل ذلك، حتى مضت لها سبعة أشهر مضارا لها بذلك. وكان الرجل إذا أراد ان يضار امرأته طلقها ثم تركها حتى تحيض الثالثة، ثم راجعها، ثم طلقها فتطول عليها العدة، فهذا هو الضرار؛ فأنزل الله هذه الآية.
ناپیژندل شوی مخ