[2.182]
قوله تعالى: { فمن خاف من موص جنفا أو إثما }؛ لما توعد الله المبدل؛ خاف الأوصياء من التبديل، فكانوا ينفذون وصية الميت وإن جار في وصيته واستغرقت كل المال، فأنزل الله هذه الآية وبين أن الإثم في تبديل الحق بالباطل، وإذا غير الوصي من باطل إلى حق على طريق الإصلاح فهو محسن فلا أثم عليه.
ومعنى الآية: لمن علم من موص جنفا مثل قوله تعالى:
إلا أن يخافآ ألا يقيما
[البقرة: 229] أي إلا أن يعلما. وقوله تعالى: { جنفا } أي ميلا عن الحق على جهة الخطأ. وقوله تعالى: { أو إثما } أي ميلا إلى جهة العمد؛ بأن زاد في الوصية على الثلث؛ أو أقر بغير الواجب؛ أو جحد حقا عليه، { فأصلح بينهم }؛ أي الوصي بين ورثة الموصي وغرمائه، بأن رد الوصية إلى المعروف الذي أمر الله به، { فلا إثم عليه } ، في التبديل.
والهاء والميم في قوله تعالى: { بينهم } كناية عن الورثة، والكناية تصح عن المعلوم وإن لم يكن مذكورا؛ قوله تعالى: { إن الله غفور رحيم }؛ يعني غفور رحيم إذ رخص للوصي في خلاف الوصية على جهة الإصلاح.
قرأ مجاهد وعطاء وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وشيبة ونافع وحفص: (موص) بالتخفيف، وقرأ الباقون: (موص) بالتشديد.
وقوله تعالى: { جنفا } أي جورا وعدولا عن الحق، والجنف: الميل في الكلام وفي الأمور كلها. وقرأ علي كرم الله وجهه: (حيفا) بالحاء والياء؛ أي ظلما. قال الفراء: (الفرق بين الجنف والحيف: أن الجنف عدول عن الشيء، والحيف حمل على الشيء حتى ينتقصه، وعلى الرجل حتى ينتقص حقه). قال المفسرون: الجنف الخطأ، والإثم العمد.
ومعنى الآية: من حضر مريضا وهو يوصي، فخاف أن يخطئ في وصيته ليفعل ما ليس له فعله، أو يتعمد جورا فيها فيأمر بما ليس له، فلا حرج على من حضره أن يصلح بينه وبين ورثته؛ بأن يأمره بالعدل في وصيته وينهاه عن الجنف؛ فينظر للموصي وللورثة، وهذا قول مجاهد: قال: (هذا حين يحضره الموت، فإذا أسرف أمره بالعدل، وإذا قصر؛ قال: افعل كذا، أعط فلانا كذا).
وقال آخرون: هو إذا أخطأ الميت في وصيته وأحاف فيها متعمدا، فلا حرج على وليه أو وصيه أو والي أمور المسلمين أن يصلح بعد موته بين الورثة وبين الموصى لهم، ويرد الوصية إلى العدل والحق، وهذا قول ابن عباس وقتادة والربيع.
ناپیژندل شوی مخ