شيبا، وقاربت شمس العمر مغيبا، فأبى إلا المراجعة فيه، والعود والاستشفاع بمن لم أستجز (1) له الرد فلم أجد بدا من صرف وجه الهمة إليه والإقبال بكل العزيمة عليه، وهممت أن أضع يدي فيه، ثم استخرت الله تعالى وتقدس في الابتداء منه بمجموع مجمع جامع للكلم الجوامع، أسميه كتاب " جوامع الجامع "، ولا شك أنه اسم وفق للمسمى ولفظ طبق للمعنى، وأرجو أن يكون بتوفيق الله وعونه وفيض فضله ومنه كتابا وسيطا خفيف الحجم، كثير الغنم، لا يصعب حمله، ويسهل حفظه، ويكثر معناه وإن قل لفظه، يروع (2) موضوعه، ويروق مسموعه، ينظم وسائط القلائد، ويحوي بسائط الفوائد، ويستضئ العلماء بغرره ودرره، ويفتقر الفضلاء إلى فقره، فيكتب (3) على وجه الدهر، ويعلق في كعبة المجد والفخر.
ومما حداني إليه وحثني وبعثني عليه، أن خطر ببالي وهجس بضميري، بل ألقي في روعي (4) محبة الاستمداد من كلام جار الله العلامة ولطائفه، فإن لألفاظه لذة الجدة ورونق الحداثة، مقتصرا فيه على إيراد المعنى البحت، والإشارة إلى مواضع النكت، بالعبارات الموجزة والإيماءات المعجزة، مما يناسب الحق والحقيقة ويطابق الطريقة المستقيمة.
وإذا ورد في أثناء الآيات شئ قد تقدم الكلام في نظيره، أعول في أكثره على المذكور قبل، إيثارا للإيجاز والاختصار.
وأنا أسأل الله الكريم المنان مستشفعا إليه بمحمد المصطفى وآله مصابيح الإيمان ومفاتيح الجنان، عليه وعليهم الصلاة والسلام ما اختلف الضياء والظلام، أن يجعل وكدي (5) وكدي في تأليفه مع تخاذل الأعضاء وتواكل الأجزاء موجبا لغفرانه، ومؤديا إلى رضوانه، ويمن بالتسهيل والتيسير، فإن تيسير العسير عليه جلت قدرته يسير، وهو على ما يشاء قدير، نعم المولى ونعم النصير.
مخ ۵۰