تفسیر جالینوس له فصلونو ابقراط
شرح جالينوس لفصول أبقراط بترجمة حنين بن إسحق
ژانرونه
قال جالينوس: أما قطع اللحم الصغار فيدل على أنها من نفس جوهر الكلى. وأما ما هو بمنزلة الشعر فلا يمكن أن يكون من نفس جوهر الكلى. وذلك أنه لا يمكن أن ينحل جرم الكلى إلى مثل هذه الطبيعة، ومن قال ذلك فهو جاهل بطبيعة الكلى. ولا يمكن أيضا أن يكون ذلك من جوهر المثانة إذا تحللت وتأكلت كما ظن قوم، لأن (1018) الأجزاء التي تنحل من المثانة بالصفائح أشبه كما يقول أبقراط بعد قليل ويسميها قشورا، لكن الأمر بالحقيقة هو على ما أصف. وقد اتفق لنا أن رأيناه مرارا (1019) كثيرة على أن غيرنا من الأطباء ممن كثرت تجربته قد ذكروا أنهم لم يروا هذا البول إلا مرارا (1020) قليلة. وأهل زماننا من الأطباء يسمون هذه العلة تولد الشعر لأن ما يجيء في البول فيه (1021) يشبه الشعر وخاصة الشعر الأبيض (1022). وقد رأيت منذ قريب من بال من هذا الشعر ما له من الطول ما لا يكاد يصدق به من يسمعه. وذلك أن بعضه كان يكون طوله من نحو نصف دراع. وكانت قصة هذا الرجل أنه مكث نحو من سنة قبل أن يبول هذا البول يأكل كثيرا باقلى مطحونا وجبنا رطنا ويابسا. وقد رأيت آخرين (1023) ممن عرض لهم أن بالوا هذا البول من قبل أنهم استعملوا أطعمة تولد خلطا غليطا. وهذا (1024) الخلط الغليظ إذا عملت فيه الحرارة حتى تحرقه وتجففه في الكلى تولد منه هذا الشعر. وعلاج هذا الداء يشهد على صحة القياس في وجود سببه. فإن الذين أصابتهم هذه العلة إنما برئوا بالأدوية الملطفة المقطعة مع تصيير (1025) سائر التدبير والغذاء مرطبا. ولو أنه (1026) كان في الكلى أو في المثانة قرحة تبلغ من عظمها أن ينحل جوهرها إلى مثل هذه الأجسام لما كان أصحابها لينتفعوا بتلك الأدوية بل كانت تزيد في علتهم ونهيجها غاية النهيج. فبقراط حقيق بأن يعجب منه في هذا كما يعجب منه في سائر الأمور إذ كنا قد نجده قد (1027) وقف على هذا الأمر وعرفه PageVW6P077B وكثير من الأطباء لم يعرفه إلى هذه الغاية. وتصحيحه الألفاظ أيضا نحو هذا المعنى عجيب جدا. وذلك أنه إنما قال «فذلك يخرج من كلاه» ولم يقل في هذا الفصل كما قال في الفصل الذي قبله إن السبب فيما تخرج قرحة في الكلى لكن (1028) أطلق القول فقال «فذلك يخرج من كلاه» كما لو أن إنسانا بال حصاة فقلنا إن تلك PageVW0P024B الحصاة خرجت من كلاه، لأن (1029) تلك الحصاة جزء من جوهر كلاه لكن لأن تولدها كان في كلاه. فقطع اللحم الصغار هي أجزاء من جرم الكلى تنحل وتخرج عند (1030) القرحة التي (1031) تكون فيها. وأما ما يشبه الشعر فإن تولده يكون في الكلى بمنزلة الحصاة (1032) وليس بجزء من جوهر الكلى. وقد نجد في هذا الفصل خطأ في جميع النسخ، وذلك أنهم يكتبون «من كان في بوله وهو غليظ قطع لحم صغار بمنزلة الشعر فذلك يخرج من كلاه» من غير أن يجعلوا فيما بين «صغار (1033)» وبين «منزلة الشعر» «أو (1034)» وذلك رديء، لأن قطع اللحم الصغار لا يشبه الشعر أصلا، ولكن (1035) ينبغي أن يوضع فيما بين الحرفين الذين ذكرت «أو (1036)» حتى يكون أبقراط قد (1037) ذكر سببين في قوله لا شيئا واحدا. وأحد السببين هو قطع اللحم الصغار والآخر ما هو بمنزلة الشعر. ومتى خرج في البول شبيه بالشعر فإن البول دائما يكون غليظا لأن الجوهر البلغمي الذي اجتمع في العروق ينتقص عند ذلك بالكلى. فأما متى خرج (1038) قطع اللحم فليس يجب ضرورة أن يكون البول غليظا. وما رأيت أنا هذه العلة من علل الكلى قط، لكني إنما رأيت قطعا شبيهة (1039) باللحم تخرج في البول مرارا (1040) كثيرة في الحميات التي تكون فيها في (1041) البول الثقل الذي يشبه بالكرسنة (1042) من دم غليظ تحرقه الحرارة في الكلى أو في الكبد. وأما (1043) قطع لحم صحيحة فما رأيتها قط تخرج في البول. وأرى أنه قد يمكن أن يكون أبقراط عنى بالبول الغليظ البول المعتدل الطبيعي، لأن هذا البول من وجه ما قد يضاد البول الرقيق وقد نعلم أن الرقيق والغليظ بالحقيقة إنما يسمى بها (1044) الضدان الخارجان عن الاعتدال إلى الإفراط، لكن قد يمكن على طريق الاستعارة أن يسمي الشيء المتوسط المعتدل باسمي (1045) الطرفين جميعا. فإذا قيس إلى المستكمل الغلظ سمى رقيقا، فإذا (1046) قيس إلى ما هو من الرقة في الغاية سمى غليظا، وإن فهمنا قوله على هذا كان على هذا المثال «من كان في بوله وليس هو (1047) بالرقيق قطع لحم صغار أو بمنزلة الشعر فذلك يخرج من كلاه». فأما متى كان البول رقيقا فالعلة في جنس العرق كله> وأرى أنه قد أشار إلى هذا المعنى (1048) في الفصل الذي بعد هذا.
77
[aphorism]
مخ ۷۷۲