بسم ألله الرحمن الرحيم رب وفق
المقالة الاولى من تفسير جالينوس لفصول أبقراط ترجمة حنين بن أسحاق.
1
[aphorism]
مخ ۳۴۵
قال أبقراط: العمر قصير والصناعة طويلة والوقت ضيق والتجربة خطر والقضاء عسر وقد ينبغي لك أن لا تقتصر على توخي فعل ما ينبغي دون أن يكون ما يفعله المريض ومن يحضره كذلك والأشياء التي من خارج.
[commentary]
مخ ۳۴۶
قال جالينوس: قد اتفق جل من فسر هذا الكتاب على أن هذا القول فصلا واحدا كان أو فصلين فهو صدر لهذا الكتاب كله، لكنه يعسر أن * يعلم (1) ما الذي أراده أبقراط باتسعماله هذا الصدر. ولعلنا نقف على ذلك أن نحن * تقدمنا (2) * وبحثنا (3) عن جميع ما في هذا القول شيئا * شيئا (4) . وقد اتفق جميع من فسر هذا الكتاب * أن (5) أبقراط إنما قال إن * «العمر (6) قصير» لما قاسه إلى طول صناعة الطب. فأما الصناعة فأرى أنه إنما قال إنها طويلة، لأن الوقت الذي يفعل فيه كل واحد من * جل (7) أفعالها الجزئية يسير ضيق ولذلك يعسر الوقوف عليه حتى يحتاج الذي يريد تعرفه إلى رياضة طويلة ودربة * بالغة (8) ، ولأن استخراج * جميع (9) ما يستخرج في الصناعة يكون بآلتين أحدهما التجربة والأخرى القضاء بالقياس، واستعمال PageVW1P091A * الأولى (10) خطر، * واستعمال (11) * الثانية (12) ليس يسهل لكنه من أعسر ما يستعمل. وإنما صار الوقت ضيقا من قبل * جنس (13) * العنصر (14) الذي * تستعمله (15) هذه الصناعة وهو أبدان * الناس (16) . وذلك لأن البدن سريع الاستحالة سهل التغير من نفسه فضلا عن * تغيره (17) من الأسباب التي من خارج. فأما التجربة فإنما صارت خطرا لشرف هذا * العنصر (18) لا لسرعة استحالته، فإن * هذا (19) قد * دخل (20) في ضيق الوقت. فأما القضاء فإن فهم منه ما * قد (21) فهمت أنه يعني به القياس فصعوبته بينة إذا كان الاختلاف فيه باقيا في سالف الدهر إلى هذه * الغاية (22) . وإن كان إنما عنى به ما قال قوم من أصحاب التجارب وهو الحكم على * الأشياء (23) التي تمتحن بالتجربة وما يعقب فإن ذلك أيضا مما * لا (24) * تخفى (25) صعوبة الوقوف على حقيقته، إلا أنه يستبين في غرض هذا الكتاب * كله (26) أن الذي وضعه رجل من أصحاب القياس. وفي هذا الموضع * يقضي (27) الجزء الأول من صدر هذا الكتاب. وأما الجزء الثاني منه فلم يخرجه مخرج * خبر (28) كما فعل في الجزء الأول لكنه أخرجه مخرج مشوره، فقال «وقد ينبغي لك أن لا تقتصر على توخي فعل ما ينبغي دون أن يكون ما يفعله المريض ومن يحضره كذلك والأشياء التي من خارج» كأنه قال «قد ينبغي لك أيها القارئ لكتابي هذا إن أردت * أن (29) تختبر وتمتحن وتعرف حقيقة ما كتبت في كتابي هذا أن لا تقتصر إذا كنت متطببا على أن تفعل جميع ما تفعله على ما ينبغي، لكنه PageVW7P008B قد يجب أن PageVW1P091B يجري جميع أمر المريض ومن PageVW6P001B يخدمه والأشياء التي * من (30) * خارج (31) على الصواب وما لا يلحقه * ذم (32) ». فتصير جملة القول الأول * محصورة (33) في قوله «العمر قصير والصناعة طويلة»، لأن جميع ما يتلو هذا من القول الأول إنما هو برهان على أن «الصناعة طويلة». ويصير القول الثاني بعده كأنه شرط وصلح * فيما (34) بينه وبين من يريد قراءة كتابه وامتحانه. وقد * ينبغي (35) الآن أن ننظر ما الذي أراد بتصديره في * أول (36) كتابه * أن (37) «العمر قصير» إذا قيس إلى طول صناعة الطب. فإن هذا هو الغرض الذي قصدنا إليه منذ أول كلامنا. وقد قال قوم إنه إنما أراد بذلك أن يحث من يقصد * لتعلم (38) هذه الصناعة على ما ينبغي * وما (39) يستحق، وقال آخرون * إنه (40) إنما أراد * بذلك (41) الصد عنها، وقال آخرون إنه إنما أراد * بذلك (42) محنة من يريد تعلم هذه الصناعة على ما ينبغي ومن ليس كذلك والتمييز بينها. وقال آخرون * إنه (43) إنما أراد بذلك أن يبين العلة التي لها ينبغي أن * يوضع (44) كتب الطب على طريق الفصول. وقال آخرون إنه إنما وصف في هذا القول الأسباب التي من أجلها صارت هذه الصناعة * تستعمل (45) الحدس والتقريب، وقال آخرون إنه * إنما (46) أراد * به (47) أن يصف من كم سبب يخطئ المتطبب غرضه. وأنا مبتدئ بقول آخر مما * ذكرت (48) فأقول إنهم * قد (49) بعدوا جدا عن المعنى فيما أرى . وذلك أنه ليس من فعل حكيم ولا مما يشبه عقل أبقراط خاصة وعلمه أن يفتح كتابه بأن يعلم أن هذه الصناعة PageVW1P092A صناعة إنما * تستعلم (50) الحدس * والتقريب (51) أو أنها * قد (52) * تخطئ (53) غرضها * والغاية (54) التي يقصد إليها إما بسبب المستعملين * للصناعة (55) وإما بسبب طول الصناعة نفسها. وقوله أيضا * «وقد (56) ينبغي * لك (57) أن لا تقتصر على توخي فعل ما ينبغي دون أن يكون ما يفعله المريض ومن يحضره كذلك والأشياء التي من خارج» يدل على ضد ما ذكر هؤلاء. وذلك أن هذا القول إنما يليق برجل يتضمن صحة جميع ما يصفه في كتابه لا برجل يقر بأنه قد * يخطئ (58) غرضه والغاية التي يقصد إليها من قبل أسباب كثيرة. ولو كان أراد ذلك لما كان يقول «وقد ينبغي لك»، لكنه كان من بعد قوله «العمر قصير والصناعة طويلة والوقت ضيق والتجربة خطر والقضاء عسر» سيتبع قوله هذا بأن يقول «وقد يخطئ * المتطبب (59) أيضا على المريض * والمريض (60) على نفسه وخدمه عليه». ومن قال أيضا إنه إنما أراد بقوله إن «العمر قصير والصناعة طويلة» أن يصد عنها فلا * أرى (61) أنه * محسن (62) . فإنه من * غاية (63) الجهل أن يضع رجل كتابا * يخلفه (64) لمن * يأتي (65) بعده كأنه مما * ينتفع (66) به، ثم يجعل افتتاح كلامه فيه الصد عن الصناعة بأسرها التي تضمن تعليمها فضلا عن قراءة كتابه وتعلم ما كنت فيه. فأما من قال إنه إنما أراد بهذا القول أن يحث على تعلم هذه الصناعة بحرص وعناية لأنه لا يمكن تعلمها واستيفاؤها بأسرها إلا بذلك إذ كان العمر الذي يتعلم فيه قصيرا وكانت هي PageVW6P002A في نفسها طويلة فإنه وإن كان قد قال حقا فإنه لا يشبه فيما أرى هذا الصدر عقل أبقراط PageVW1P092B ورأيه ولا ما قاله في كباته هذا وكذلك * عندي (67) قول من قال إنه إنما * قصد (68) بهذا القول إلى امتحان من يريد تعلم هذه الصناعة، فإن هذا القول أيضا حق وقد قال أفلاطون * إن (69) من أبلغ الأشياء في امتحان همه المتعلم لصناعة ما أي صناعة كانت أن يبين له أن تعلمها طويل عسر إلا أن ذلك إنما يكون بالمشافهة لا توضعه في كتاب ولا أرى أيضا أن هذا الصدر يشبه * هذا (70) الكتاب. وذلك أنه ينبغي أن يكون الصدر مشاكلا لما يذكر في الكتاب إلا أن يكون أبقراط أراد أن يقرأ كتاب الفصول قبل سائر كتبه كلها فجعل لذلك في صدره كلاما عاما لصناعة الطب كلها يدل * به (71) على أن تعلم الطب ليس يصل إليه كل من أراده إذ كانت صناعة * طويلة (72) وإنما يصل * إليها (73) من * كان (74) يتسع له من الزمان ما يمكنه فيه * تعلمه (75) وكانت طبيعته * طبيعة (76) مواتية له على ذلك. ومن رأي أن هذا القول مقبولا أعني أن أبقراط جعل صدر هذا الكتاب عاما لصناعة الطب كلها فليس يذم أيضا قول من قال PageVW7P009A إنه إنما أراد بهذا القول * يبين (77) العلة التي من أجلها ينبغي أن توضع كتب * الطب (78) . وقد جعل أبقراط في كتاب له سماه قاطياطرين أي مدخل الطب صدرا عاما لجميع أنحاء الاستدلال في الطب كما سنبين في تفسيرنا لذلك الكتاب. فقد حصل عندي أن الذين قالوا إنه إنما أراد بهذا الصدر أن يبين العلة التي من أجلها جعل طريق كلامه وتعليمه في هذا الكتاب على هذا النحو أعني * على (79) طريق الفصول أو أن يخبر بالجملة PageVW1P093A * بمنفعة (80) وضع الكتب * هم (81) أحمد قولا من غيرهم. وذلك أن هذا الطريق من التعليم أعني طريق الفصول وهو استقصاء جميع خواص المعنى الذي * يقصد (82) إليه بالإيجاز والإحاطة بها من أنفع الأشياء لمن أراد * أن (83) * يتعلم (84) * صناعة (85) طويلة في عمر قصير. ومن أصوب الأشياء أيضا أن يقال * إنه (86) قد ينبغي بالجملة أن توضع كتب * الطب (87) ، لأن العمر قصير إذا قيس إلى طول الصناعة. وذلك أنه ليس أحد من الناس يقوى على أن يستخرج هذه الصناعة * ويستتمها (88) عن آخرها * ويود (89) الآتي بعده * أن (90) * يتعلم (91) في المدة * القصيرة (92) من الزمان ما علمه من كان قبله في مدة طويلة من الزمان ثم يزيد ويستخرج هو أيضا أشياء * أخر (93) فيصير يوما * ما (94) إلى * استكمال (95) الصناعة. فإني أرى أن أبقراط إنما استعمل هذا الصدر لأحد هذين المعنيين أو لهما جميعا، كأنه قال * (96) * إنه (97) لما كان مقدار طول الصناعة * مجاوزا (98) لمقدار عمر الإنسان حتى لا يمكن الإنسان الواحد PageVW6P002B وإن بلغ الغاية من الحرص والاجتهاد أن يبتدئ * بهذه (99) الصناعة ويبلغ منها إلى غايتها ومنتهاها، صار من أجود الأشياء أن يكون الإنسان * يخلف (100) جميع ما علم في دهره لمن * يأتي (101) بعده في كتب * كثيرة (102) يشرح فيها جميع * أمر (103) الأشياء التي * ذكرناها (104) باستقصاء وإيجاز وبيان. فأما ما ذكره بعد هذا فإنما جعله برهانا على أن الصناعة طويلة وهو قوله «والوقت ضيق والتجربة خطر والقضاء عسر»، * كما (105) لو قال «العمر قصير والصناعة طويلة» لأن الوقت ضيق والتجربة * خطر (106) والقضاء * عسر (107) . وذلك أن الصناعة إنما صارت طويلة لأن وقت فعل ما يفعل منها PageVW1P093B ضيق، يعني أنه قليل * المدة (108) ومع * ذلك (109) * لأن (110) الاشياء التي يتداوى * بها (111) تستخرج وتؤخذ * باثنين (112) وهما القياس والتجربة، والتجربة خطر والقياس عسر، * يعني (113) * أنه (114) ليس يسهل معرفته. وليس يعسر أن تتبين صحة كل واحد من هذه الأشياء التي * ذكرناها (115) بإيجاز واختصار. أما قوله «الوقت ضيق» فمنحل * العنصر (116) الذي تعالجه بهذه الصناعة أعني بدن الإنسان إذ كان يجري كما يجري الماء ويتغير في أقل الأوقات. وأما قوله «التجربة خطر» * فلمكان (117) العنصر * الذي (118) تعالجه صناعة الطب. وذلك أنه ليس الجوهر الذي يعالجه * الطب (119) * لبن (120) أو طين أو خشب أو حجارة أو * أجر (121) أو جلود * كالجواهر (122) * التي (123) تعالجها سائر الصناعات * فلا (124) يضر أن يجرب عليه ما يجرب بأنحاء * شتى (125) من التجربة ويرتاض في الصناعة * ويدرس (126) علومها ويتدرب فيها كما يعمل النجارون في الخشب والأساكفة في الجلود. وذلك أن النجار والإسكاف * إن (127) استعملا الخشب والجلود استعمالا رديئا فأفسدا هما فليس في ذلك خطر. * والخطر (128) في تجربة شيء لم يجرب على بدن إنسان * عظيم (129) * لأن (130) التجربة إن وقعت رديئة عطب من يجرب عليه وتلف حياته. والقضاء وهو القياس لأن به يقضى ويحكم على ما ينبغي أن * يفعل (131) * فعسر (132) والوقوف عليه صعب أعني القياس الصحيح كما قد ندلك كثرة الفرق في الطب. وذلك أنه لو كان يمكن أن يوجد الحق بسهولة لما كان يقع بين الطالبين له هذا الاختلاف كله، إذ هذه حالهم في أنفسهم وعلمهم * وبهذا (133) المقدار من الكثرة * هم (134) . PageVW1P094A * وأما (135) أصحاب التجارب فيقولون إنه لم يرد بالقضاء القياس وإنما أراد به الحكم على الأشياء التي توجد بالتجربة وما يعقب. وبالحقيقة فإن هذا * أيضا (136) عسر والوقوف عليه صعب * أعني (137) أن يكون المريض قد عولج بأصناف * شتى (138) من العلاج فتظهر * منفعته (139) أو * مضرته (140) فيحكم أن تكون * المنفعة (141) أو المضرة إنما كان سببها واحد من أصناف ذلك العلاج. وذلك أنك * إن (142) جعلت في المثل أن مريضا PageVW6P003A نام نوما صالحا ثم انتبه فمسح بدهن ثم * ضمد (143) ثم حقن أو انطلق بطنه من تلقاء نفسه ثم أكل * طعاما (144) بحال ما ثم حدثت له بعد هذه الأشياء كلها منفعة أو مضرة فليس PageVW7P009B يسهل أن يقال من * قبل (145) أي هذه الأشياء كلها التي كانت حدثت هذه المنفعة للمريض أو المضرة. وجملة القول أنه من * أجل (146) هذه الأشياء * كلها (147) صارت الصناعة طويلة إذا قيست بمقدار عمر الإنسان الواحد. وصار وضع الكتب وتخليفها لمن يأتي بعدنا نافعا لا سيما إن كانت مختصرة على طريق الفصول، لأن هذا النحو من التعليم يصلح لأول تعلم الإنسان * بالشيء (148) * وليحفظه (149) لما قد يعلمه ولتذكره ما * ينساه (150) بعد. وما قاله بعد هذا أيضا موافق لهذا. وذلك أنه أتبع * قوله (151) كلامه كأن في صدر كتابه في * نفس (152) الكتاب وما ذكر فيه فإنه قال «وقد ينبغي لك أن لا تقتصر على توخي فعل ما ينبغي دون أن يكون ما يفعله المريض ومن يحضره كذلك والأشياء التي من خارج». ومعنى قوله هذا أنك إن أردت PageVW1P094B أن تختبر ما في كتابي هذا وتعرف حقيقته فليس ينبغي * لك (153) أن تقتصر على * فعل (154) ما يجب عليك فعله ولا تقتصر في شيء مما ينتفع به المريض، لكنه ينبغي أن يكون المريض أيضا مطاوعا لك غير متبع للذته في شيء من الأشياء وينبغي أيضا أن * تكون (155) خدم المريض * فرهة (156) أكياسا وينبغي أن تكون الأشياء التي من خارج * كلها (157) مهيأة معدة على ما يصلح للمريض. * فإن (158) كثيرا ما يعرض * من (159) تلك أيضا أن تبطل صحة ما يتقدم بمعرفته أو يفسد العلاج فلا ينجح أو يعرض الأمران جميعا ويعني بالاشياء التي تعرض من خارج أمر * المنازل (160) أن تكون موافقة أو غير موافقة أو أن * يكون (161) يلحق المريض منها * أذى (162) أو لا يلحقه * وما (163) يختبر به المريض * وما (164) يفعل به * مما (165) يهيج به * غضب (166) أو * غم (167) أو غير ذلك مما أشبهه وما يمنعه بالليل من النوم وهي أشياء كثيرة لا يحصى عددها، * كأنه (168) قال فإن جزئ أمر هذه الأشياء كلها على ما ينبغي وما * لا (169) يذم * منه (170) بشيء لم يوجد شيء من جميع ما في هذا الكتاب باطلا.
2
[aphorism]
مخ ۳۵۷
قال * (171) أبقراط: إن كان ما يستفرغ من البدن عند * استطلاق (172) البطن والقيء اللذين يكونان طوعا من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه البدن نفع ذلك وسهل احتماله، وإن لم يكن كذلك كان الأمر على الضد، وكذلك خلاء العروق فإنها إن خلت من النوع الذي ينبغي أن يخلو منه نفع ذلك وسهل احتماله، وإن لم يكن كذلك كان الأمر على الضد * وينبغي (173) أن ينظر * أيضا (174) في الوقت الحاضر من أوقات السنة وفي البلد وفي السن وفي الأمراض هل يوجب استفراغ ما * هممت (175) باستفراغه أم لا.
[commentary]
مخ ۳۵۸
قال جالينوس: إن أبقراط لم يقل هذا PageVW1P095A القول في كمية ما * يستفرغ (176) كما توهم قوم، لكنه إنما قاله في كيفيته فقط، ومما يدل على ذلك * تكريره (177) اسم النوع في قوله هذا مرتين. PageVW6P003B وذلك أنه تقدم فقال في الاستفراغ الذي يكون * طوعا (178) : إن * استفرغ (179) البدن «من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه نفع ذلك وسهل احتماله». ثم قال في الاستفراغ الذي يكون بالعلاج إن خلت العروق «من النوع الذي ينبغي أن يخلو منه نفع ذلك وسهل احتماله». وقد كان * يمكنه (180) أن يقول: إن استفرغ البدن بالمقدار الذي ينبغي أن * ينقى (181) ، وأيضا إن خلت * العروق (182) من * المقدار (183) الذي ينبغي أن يخلوا منه . والدليل على هذا أيضا قوله «ينقى * منه (184) ». وذلك أنه لم يستعمل اللفظة التي هي أعم فيقول: إن استفرغ البدن من النوع الذي ينبغي أن * يستفرغ (185) منه، * لكنه (186) قال «من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه». وإنما يكون النقي أمر الشيء المؤذي بكيفيته. وقد أخطأ في هذا أكثر المفسرين ولم يفهموا كلام * الرجل (187) ولا معناه. وخطأهم في أن بعضهم فهم من قوله «خلاء العروق » أي ترك الطعام، * وبعضهم (188) فهم * عنه (189) إخراج الدم، وخطأ هؤلاء أكثر من خطأ أولائك وأفحش. وذلك أن أبقراط يسمي كل استفراغ خلاء العروق * من (190) قبل ما يعرض * منه (191) ، لأنه يعرض للعروق أن تخلو في كل استفراغ. فقوله هذا إنما هو كما قلنا في كيفية ما يستفرغ. وكما أن أبقراط يأمر في جميع الحالات يقتدي الطبيب بما تفعله الطبيعة على ما ينبغي، كذلك فعل في هذا الموضع أيضا فقدم القول في جزء الاستفراغ الذي يكون طوعا فقال إنه إذا استفرغ من البدن ما ينبغي، يعني به الأشياء المؤذية، نفع ذلك وسهل احتماله. PageVW1P095B وإن كان الاستفراغ من غير الشيء المؤذي كان الأمر على الضد، * يعني (192) أنه لا ينفع وينال المريض في احتماله مشقه. وكذلك * أيضا (193) إن التمس الطبيب للبدن استفراغا * ما (194) فليكن للاشياء المؤذية كالذي أمر به في مواضع أخر أن يستفرغ الكيموس الذي يؤذي لا غيره. فإن كان البلغم قد غلب * في (195) البدن فينبغي أن * يكون (196) هو الذي يستفرغ بكل وجه يمكن به استفراغه. وإن * كانت (197) المرة الصفراء أو السوداء هي الموذية للبدن فينبغي ألا * يتعرض (198) للبلغم ويستفرغ المرة المؤذية * للبدن (199) . وكذلك أيضا إن كان الغالب في البدن الدم فإنما ينبغي أن يستفرغ الدم، وإن كان الغالب مائية الدم فإياها ينبغي أن يستفرغ. وينبغي أن يستدل على الكيموس * الغالب (200) في البدن بلون البدن إلا أن تكون الكيموسات قد غارت في عمق البدن. * فقد (201) قال أبقراط إن اللون دال على الكيموسات ما لم تغر في عمق البدن. * وإذا (202) كانت الكيموسات على هذه الحال قد غارت * وليست (203) بمنثته في البدن كله بالسواء فيحتاج حينئذ خاصة إلى أن ينظر مع ما نظرت في الوقت الحاضرة من أوقات السنة والبلد والسن والأمراض هل توجب استفراغ ما هممت باستفراغه أم لا. فإن لكل واحد من الكيموسات إذا غلب في البدن علامات خاصية سذكرها ذكرا PageVW6P004A شافيا فيما بعد، لكن قد ينبغي أن ننظر أيضا في الوقت الحاضر من أوقات السنة والبلد الذي مرض فيه ذلك المريض وفي سنه وفي نوع مرضه ليستتم الاستدلال. فانزل أنه ظهر PageVW1P096A في المثل في البدن علامات * تدل (204) على أن المرة الصفراء قد غلبت عليه، * فأقول (205) إنك تحتاج * أن (206) تنظر * أيضا (207) * هل (208) الوقت * الحاضر (209) * صيفا (210) وهل البلد * حارا (211) وهل المريض في مشهي الشباب. وكذلك إذا رأيت علامات البلغم تحتاج أن ننظر هل الوقت الحاضر شتاء وهل البلد * باردا (212) وهل المريض * شيخا (213) . وينبغي أن تنظر مع هذه الأشياء كلها في * نفس (214) طبيعة المرض. مثال ذلك أن حمى الغب في * المثل (215) من غلبه * المرة (216) الصفراء، وحمى * الربع (217) من غلبه السوداء، والحمى الثانية في كل يوم من غلبه * البلغم (218) ، والحمى المطبقة هي من غلبه الدم وكذلك الورم المعروف بالفلغموني هو من غلبه الدم والمعروف باوذيما هو من غلبه * البلغم (219) ، والسرطان * هو (220) من غلبه السوداء، والحمرة من غلبه * المرة (221) الصفراء، وكل واحد من سائر الأمراض * على (222) هذا المثل. فإنا نحن إن تحشى عن هذه الوجوه كلها * كنا (223) من استفراغ ما يستفرغ من الكيموس الذي يؤذي على بصيره أصح وأوكد. فقد تبين أن أقبح المفسرين قولاهم الذين توهموا أن قوله هذا إنما هو في * الممتنع (224) من الغذاء في الحمى فقط. وذلك أن أبقراط لم يذكر في قوله هذا الحمى وقوله عام في جميع الأشياء الخارجة عن الأمر الطبيعي فعلمنا فيه أغراضا إذا قصدنا إليها ونظرنا فيها وجدناها كيفية الاستفراغ لا كميته. وإنما يذكر كميته في الفصل الذي يأتي بعد هذا. وسنذكر بعد في فصول أخر في أي وقت من أوقات المرض ينبغي أن تروم الاستفراغ وبأي وجه ينبغي أن تفعل. * فليس (225) تضطر في الأمر إلى ذكر هذه الأشياء في هذا الموضع، لأني إن ذكرتها لم أت بشيء أحسن مما قاله أبقراط وأكون قد طولت تفسيري بكلام ليس يضطر إليه شيء.
3
[aphorism]
مخ ۹
قال أبقراط: PageVW1P098B خصب البدن المفرط لأصحاب الرياضة * خطر (226) إذا كانوا * قد (227) بلغوا * منه (228) الغاية القصوى. وذلك * انه (229) لا * يمكن (230) أن يثبتوا على حالهم تلك ولا يستقروا. ولما كانوا لا يستقرون وليس يمكن أن يزدادوا * إصلاحا (231) ، * فبقي (232) أن يميلوا إلى * حال (233) أردأ. فلذلك ينبغي أن ينقص خصب البدن بلا تأخير * كيما (234) يعود البدن فيبتدئ في قبول * الغذاء (235) . ولا يبلغ * من (236) استفراغه الغاية القصوى فإن * ذلك (237) خطر لكن بمقدار احتمال طبيعة البدن الذي يقصد إلى استفراغه. وكذلك * أيضا (238) كل استفراغ * يبلغ (239) * فيه (240) الغاية القصوى فهو خطر. وكل تغذية * أيضا (241) هي عند الغاية القصوى * فهي (242) خطر.
[commentary]
مخ ۳۶۳
قال جالينوس: أما القول الذي * قد (243) قيل قبل هذا فقد بينا أن أبقراط إنما قاله في كيفية ما يستفرغ. PageVW6P004B * وأما (244) في هذا القول وأقاويل أخر تتلوه فقصد فيها إلى ذكر كمية ما يستفرغ وابتدأ * بذكر (245) الامتلاء المفرط والاستفراغ المفرط ووضع في قوله هذا، كما وضع في القول الذي قبله مثالا * وأجرى (246) قوله نحوه كعادته. والمثال الذي وضعه هو خصب أبدان أصحاب الرياضة. * وأعني (247) بأصحاب * الرياضة (248) * الذين (249) جعلوها مهنة وأفنوا دهرهم في الاقتصار عليها * والتغالب (250) * فيها (251) كمثل المصارعين وغيرهم. وذلك أن خصب البدن الذي يقال قولا مطلقا يوجد في كثير من أصحاب الكد في * حرث (252) الأرض وإثارتها وحصد ثمره ما ينبت * فيها (253) وعمل سائر ما يعمل لمصالح العيش مما في عمله تعب لا يبلغ الغاية القصوى من امتلاء البدن. وأما خصب أبدان أصحاب الرياضة فيذم منه مذمة ليست باليسيرة، وذلك أنهم يقصدون إلى أن تكون أبدانهم * كبيرة (254) وتعظم أن PageVW1P099A تكثر الكيموسات فيها لا * محالة (255) ، إذ كانت الكيموسات * فيها (256) عدة لتغذية البدن كله وكان لا يمكن أن * ينتفع (257) * البدن (258) ويعظم * أكثر (259) مما ينبغي دون أن يكثر فيه، فيجب من قبل ذلك ضرورة أن تكون حالهم هذه حال خطر. وذلك أن العروق إذا امتلأت أكثر مما * ينبغي (260) لم يؤمن أن تنصدع أو نتخنق الحرارة الغريزية وتطفى، وقد عرض من هذا الوجه لقوم كثير من أصحاب الصراع عندما صارت أبدانهم إلى غاية الامتلاء أن ماتوا فجأة. وأما خصب البدن الذي يصلح لمن يقصد من الأعمال إلى ما يجري * في (261) المجرى الطبيعي فمأمون عليه أن * لا (262) يلحقه شيء من أشباه هذه الأشياء التي فيها خطر من قبل أنه لا يبلغ الغاية القصوى من الامتلاء، * ولذلك (263) لا ينبغي أن ينقص كمثل ما ينبغي أن يفعل بحصب أبدان أصحاب الصراع إذا * بلغوا (264) * إلى (265) الغاية القصوى. * فإن (266) ذلك الخصب ينبغي أن يبادر إلى نقضه ويسابق ما يتخوف أن * يحدث (267) * على (268) صاحبه. وقد وصف أبقراط العلة التي لها ينبغي أن ينقض هذا الخصب عند ما قال «وذلك أنه لا يمكن أن * يلبثوا (269) على حالهم تلك ولا يستقروا». وذلك أنه لما كانت الطبيعة التي في البدن تنضج الغذاء دائما وتنفذه إلى مواضعه وتقلبه في * الكبد (270) * ويصير (271) * دما (272) ثم توزعه في الأعضاء ويصله * بها (273) ويشبهه * بها (274) ، وجب من قبل هذا ضرورة أن يكون البدن إذا صار إلى حال لا يمكن معها أن يقبل أعضاؤه الأصلية شيئا من الزيادة ولم يبق في العروق موضع لقبول ما ينفذ إليها من الغذاء، إما أن ينصدع بعض تلك العروق وإما أن يهجم الموت عليهم PageVW1P099B فجأة. فقد ينبغي * لذلك (275) أن يبادر إلى تغيير هذا الخصب ونقضه كيما يعود البدن فيكون فيه متسع لقبول الغذاء ونقضه. فهذا هو * استفراغ (276) البدن وينبغي أن لا يفرط فيه، لأن حال الاستفراغ المفرط في الخطر ليس بدون حال الامتلاء المفرط. وليس ينبغي أن يكون الغرض PageVW6P005A في تقدير ما يستفرغ مقدار كثرة الشيء الغالب فقط، دون طبيعة البدن، أعني بالطبيعة قوة بدن الانسان الذي يستفرغ. فإن الأبدان تتفاضل في احتمال * الاستفراغ (277) . وما قال في هذا الكلام إلى هذا * الموضع (278) جعله في أمر خصب أبدان أصحاب الرياضة وهو على * وجهها (279) نافع لمن أراد علاج تلك المهنة وجعله للطبيب مثالا بنى عليه القول الذي يأتي بعد . وذلك أنه قال «وكذلك أيضا كل استفراغ تبلغ فيه الغاية القصوى * فهو (280) خطر وكل تغذية أيضا هي عند الغاية القصوى فهي خطر»، فدل بهذا أنه يريد بجميع هذا القول أن يبين لنا أنه لا ينبغي أن يفرط في استعمال * ما (281) يستفرغ البدن ولا في استعمال ما يملأه. وإن من أبلغ الأشياء في * الدلالة (282) على هذا * خصب (283) أبدان أصحاب الرياضة إذ كان في جميع حالاته إلا * اليسير (284) غير مذموم، لأن الكيموسات في أبدان أصحاب الرياضة معتدلة المزاج والقوى قوية وقد يذم منه على حال بلوغه إلى غاية الامتلاء. ولذلك ينبغي أن يبادر إلى نقضه، وكما لا ينبغي أيضا أن * يبلغ (285) في استفراغ من كانت هذه حاله الغاية القصوى كذلك لا ينبغي في استفراغ من احتاج إلى استفراغ ما أي استفراغ كان. وبالجملة فينبغي PageVW1P100A أن * ينحوا (286) في كل استفراغ * نحو (287) القوة ويخرج الفضل من البدن ما دامت القوة تحتمل ولم تخور، * وإن (288) ضعفت فينبغي أن يمسك الاستفراغ وإن كانت قد بقيت من الفضل بقية. وأما قوله «وكل تغذية أيضا هي عند الغاية القصوة فهي خطر» فإن أراد مريد أن يسوق * الكلام (289) نحوما وضع * من (290) المثال عليه لئلا يكون مبتورا، فإنما يجوز عنده أن يكون قبل في البدن الذي تبلغ * فيه (291) الغاية القصوى من الامتلاء حتى يكون كأنه يتقدم بالتحدير من أن يبلغ في تغذية الأبدان إلى الغاية القصوى * من (292) الامتلاء. فإن مال إلى ما ينحو إليه مخرج الكلام كما قال قوم ممن فسر هذا الكتاب فإنه يتوهم كلامه هذا في شيء واحد قد كرره مرتين على وجهين مختلفين. أما في قوله «وكذلك أيضا كل استفراغ تبلغ فيه الغاية القصوة فهو خطر» فيكون قصده إلى أن يتقدم * بالتحدير (293) من الاستفراغ المفرط لهذه العلة فقط، أعني لأن الخطر فيه عظيم. وأما * في (294) قوله «وكل تغذية أيضا هي عند الغاية القصوى فهي خطر» فيكون قصده أن ينهي عن الاستفراغ المفرط لأن في تغذية البدن من بعد حدوثه خطر من قبل أن القوة قد خارت وضعفت وليس يمكنها أن تغير الغذاء على ما ينبغي ولا أن تثبته ولا أن تشبهه بالبدن. فإن فهم أحد كلامه على هذا المعنى كان أحد جزئي هذا القول قد سقط، وهو قوله في الامتلاء الذي في الغاية القصوى، ويكون ذكره بحصب أبدان أصحاب الصراع باطلا. وأقول أيضا PageVW6P005B إن زيادته في قوله أيضا يدل على أن هذا المعنى الذي قلت، وذلك PageVW1P100B أنه قال «وكل تغذية أيضا هي عند الغاية القصوى فهي خطر» * كأنه (295) إنما قال أيضا، لأن كلامه قبل هذا * كان (296) في شيء غير ما * يزيد (297) في هذا الكلام.
4
[aphorism]
قال أبقراط: التدبير البالغ في اللطافة عسر * مذموم (298) في جميع الأمراض المزمنة لا * محالة (299) ، والتدبير الذي يبلغ * فيه (300) الغاية القصوى من اللطافة في الأمراض الحادة إذا لم تحتمله * القوة (301) * فهو (302) عسر * مذموم (303) .
[commentary]
مخ ۳۶۸
قال جالينوس: أما في القول الذي قبل هذا فإن أبقراط أحمل فيه ذكر كل امتلاء مفرط وكل استفراغ مفرط. وأما في هذا القول فإنه قصد إلى ذكر تدبير * تغذية (304) المرضى وأمرنا * أن (305) نحذر دائما في الأمراض المزمنة التدبير اللطيف ونحذره في الحادة أحيانا. وذلك أن أكثر الأمراض الحادة يحتاج إلى الغذاء اللطيف وبعضها يحتاج إلى التدبير الذي قد بلغ الغاية * القصوى (306) من اللطافة، وهو ترك تناول الطعام البتة والاقتصار على تناول ماء العسل وحده إلى أن يأتي البحران. * فأما (307) التدبير اللطيف الذي لم يبلغ * فيه (308) الغاية * القصوى (309) فهو تناول اليسير من الطعام أو * تناول (310) ما يغذو منه غذاء يسيرا مثل ماء كشك الشعيرة. وحد التدبير اللطيف هو نقصان القوة التي إنما تغذو بسببها. * فينبغي (311) أن يقصد في أمر القوة بتدبير الغذاء في الأصحاء لأحد أمرين إما * لتحفظ (312) قواهم فيهم على الحال التي يجدها عليها وإما لتزيد فيها. والغذاء الذي يزيد فيها فهو غليظ، والغذاء الذي يحفظها فهو معتدل، والغذاء الذي ينقص منها فهو لطيف. وقد ينبغي لنا أن نحذر دائما هذا الغذاء اللطيف فيهم. ويكون استعمالنا أحد الوجهين الآخرين على حسب ما تدعو إليه حالهم. وأما في المرضى فليس يكاد نعني الزيادة PageVW1P101A في * قواهم (313) لكنا نعني * في (314) الأكثر إما * بأن (315) يحفظها على الحال * التي (316) وجدناها * عليها (317) وذلك في الأمراض المزمنة وإما * بأن (318) لا يكون نقصانها نقصانا قادحا وذلك في الأمراض الحادة، لأنا إن قصدنا دائما لحفظها على الحال التي وجدناها عليها في الأمراض الحادة أو * الزيادة (319) فيها زدنا في المرض. وقد تبين وشرح لنا أبقراط في كتابه في تدبير الأمراض الحادة الذي رسمه قوم بكتاب ماء الشعير أي الأمراض الحادة تحتاج إلى التدبير الذي هو في الغاية من اللطافة وليس في * الغاية (320) القصوى * وأيها (321) تحتاج إلى التدبير الذي ليس هو في الغاية. وسأبين لك أيضا هذا كله وأشرحه في تفسيري لذلك الكتاب. * فأما (322) الآن فنكتفي أن نقتصر على هذا المقدار من القول وهو أنه إذا كانت القوة قوية وكان منتهى المرض * وبحرانه (323) * مزمع (324) أن يكون في اليوم الرابع أو قبله فينبغي أن يلزم المريض بترك تناول الطعام البتة، وهذا هو التدبير * الذي (325) هو في الغاية PageVW6P006A القصوى من اللطافة. وإذا كانت القوة أيضا قوية * وكان (326) منتهى المرض وبحرانه لا يتجاوز اليوم السابع فينبغي أن يقتصر بالمريض على تناول ماء العسل وحده. وهذا هو التدبير * الذي (327) في الغاية من اللطافة، إلا أنه ليس في أقصاها. فإن لم يثق بالقوة استعملنا مع ماء كشك الشعير، وهذا هو التدبير اللطيف الذي * ليس (328) في الغاية. وأما تناول ماء كشك الشعير بثفله فليس هو تدبير لطيف إلا أن يتناول منه * الشيء (329) اليسير، وليس هو أيضا بتدبير * غليظ (330) ، كمثل التدبير بكشك الحنطة والبيض والسمك وسائر ما أشبه ذلك. فقوله «إذا لم تحتمله» في ذكره الأمراض الحادة ليس إنما قاله لمكان * أن (331) الأمراض الحادة جدا، * لأنه (332) يقول فيما بعد «إذا كان المرض حادا جدا فإن الأوجاع التي في الغاية القصوى تأتي فيه بديا فيجب ضرورة أن يستعمل فيه التدبير في الغاية القصوى من اللطافة».
5
[aphorism]
قال أبقراط: في التدبير اللطيف قد يخطئ المرضى على أنفسهم خطأ يعظم ضرره عليهم، وذلك أن جميع ما يكون منه من الخطأ أعظم * ضررا (333) مما يكون منه في الغذاء الذي له PageVW1P101B غلظ يسير ومن قبل * هذا (334) صار التدبير البالغ في اللطافة في الأصحاء * أيضا (335) * خطرا (336) لأن احتمالهم لما يعرض من خطائهم أقل * ولذلك (337) صار التدبير البالغ في اللطافة في أكثر * الحالات (338) أعظم خطرا من التدبير الذي هو * أغلظ (339) * قليلا (340) .
[commentary]
مخ ۳۷۱
قال جالينوس: إن أول هذا الفصل قد يوجد في بعض الكتب على هذه النسخة التي تستأنف * وصفها (341) لا على المتقدمة وهي هذه: في التدبير اللطيف * قد (342) يخطئ المرضي على أنفسهم * خطأ (343) كثيرا * يعظم (344) ضررهم. وقد اختار قوم هذه النسخة على النسخة الأولى، وظنوا أن أبقراط يعني بقوله هذا أن المرضي يضطرون إلى أن يخطئوا على أنفسهم * إذا (345) حملهم * الأطباء (346) على التدبير اللطيف شرا منهم لأخذهم إياهم بالتدبير اللطيف، ولذلك ينالهم من الضرر أعظم مما كان ينالهم لو كانوا ليس يدبرون بالتدبير اللطيف. وذلك لأنهم يضطرون إلى الخطأ فتخطئون ولأن ذلك يكون منهم بعد أن تكون القوة قد ضعفت بحمل الحمية عليها. والنسخة الأولى هي * أجود (347) . وذلك أن معنى ما في هذه النسخة داخل فيها والقول في تلك أعم لأنه يشتمل على كل خطأ للمريض بإرادته وعن * غير (348) إرادته حتى يكون القول على معنى ما في النسخة الأولى على هذا المثال: أن * الخطأ (349) الذي يعرض لأصحاب التدبير اللطيف أي خطأ كان أعظم * خطر (350) من قبل ضعف القوة بحمل التدبير عليها ومن قبل أنهم لم يعتادوا الشيء الذي يحدث فيه الخطأ. ومما يشهد أيضا على صحة النسخة الأولى ما قال * أبقراط (351) في الأصحاء. وذلك أنه قال أن التدبير اللطيف في الأصحاء خطر لأن احتمالهم لما يعرض من خطائهم أقل * لا (352) أنهم PageVW6P006B يضطرون إلى الخطأ من قبل * لطافة (353) تدبيرهم. وأما ما يتلو مما ذكرنا في هذا الفصل فهو بين.
6
[aphorism]
قال أبقراط: أجود التدبير في * الأمراض (354) التي في الغاية * القصوى (355) التدبير * الذي (356) في الغاية * القصوى (357) .
[commentary]
قال جالينوس: إن أبقراط يعني بالأمراض التي في الغاية القصوى الأمراض التي هي في غاية العظم وليس ورائها غاية من الأمراض. * وأمرنا (358) أن يكون تدبيرنا فيها التدبير الذي ليس ورائه غاية في الاستقصاء، وإذا كان * كذلك (359) فبين أن يجعل الغذاء في غاية اللطافة. وهذه الأمراض لا محالة هي الأمراض التي يسميها حادة جدا ولذلك أتبع أبقراط هذا الفصل بفصل بعده قال فيه هذا القول:
7
[aphorism]
مخ ۳۷۳
PageVW1P102A قال أبقراط: وإذا كان المرض حادا جدا فإن الأوجاع التي في الغاية القصوى تأتي فيه بديئا فيجب ضرورة أن يستعمل فيه التدبير الذي في الغاية القصوى من اللطافة. فإذا * ما (360) لم يكن كذلك لكن كان يحتمل من * التدبير (361) ما هو أغلظ من * ذلك (362) فينبغي أن يكون الانحطاط على حسب لين المرض ونقصانه عن الغاية القصوى. وإذا بلغ المرض منتهاه فعند ذلك يجب ضرورة أن * يستعمل (363) التدبير الذي هو في الغاية القصوى من اللطافة.
[commentary]
مخ ۳۷۴
قال جالينوس: كما أن أبقراط عنى فيما تقدم بقوله «الأمراض التي في الغاية القصوى» الأمراض التي في غاية العظم، كذلك عنى في هذا * القول (364) بقوله «الأوجاع التي في الغاية القصوى» الأوجاع التي في غاية العظم وعنى بالأوجاع نوائب الحمى أو * جميع (365) الأعراض بالجملة. فإن نوائب الحمى وجميع الأعراض * بالجملة (366) تكون في المرض الحاد جدا في الأيام الأول منه في غاية العظم من قبل أن فيها يكون منتهاه وليس المنتهى شيء سوى عظم أجزاء المرض في أعراضه. والمرض الحاد جدا هو الذي يكون منتهاه بديئا. وينبغي أن يفهم من قوله «بديائ» الأربعة الأيام الأول أو بعدها قليلا. فينبغي * لذلك (367) أن يستعمل فيها منذ أولها التدبير الذي في الغاية القصوى من اللطافة، * إذ (368) كان ينبغي أن يستعمل التدبير الذي في الغاية القصوى من اللطافة في منتهى المرض، كما قد بين أبقراط في كتابه في تدبير الأمراض الحادة وفي هذا الفصل. وكان منتهى المرض الحاد جدا يكون في الأيام الأول منه. وقد بينا في كتب أخر بيانا شافيا أن استعمال التدبير اللطيف الذي في الغاية القصوى من اللطافة في وقت منتهى المرض واجب. فليكتفي الآن هذا المقدار من القول أنه إن توقى متوق من إعطاء المريض غذاء ذا قدر من أجل أورام كانت PageVW1P102B به أو التهاب أو من أجل الحمى اللازمة PageVW6P007A في المرض الحاد جدا فواجب أن يكون توقيه * كذلك (369) في وقت المنتهى غاية التوقي. وذلك * أن (370) الأورام والالتهاب في ذلك الوقت تكون في غاية عظمها، كما قد بين أبقراط في كتابه في تدبير الأمراض الحادة. والاسم الذي سمى * به (371) أبقراط هذا المعنى في ذلك الكتاب يفهم على معنى خاص وهو الورم الحار وعلى معنى عام يشتمل على الأورام وعلى الحرارة الزائدة وعلى الالتهاب وعلى الحمى على نحو عادة القدماء * فعلى (372) أي المعنيين فهمتم فهو * حق (373) ، وأيضا معما قلناه من أمر الأورام * الحار (374) والحمى فالأجود في وقت المنتهى أن تدع الطبيعة والمثابرة على إنضاج * المرض (375) ولا تشغلها عنه بإنضاج غذاء تورده عليها في ذلك الوقت. فلهذه الأسباب ينبغي أن يستعمل في * المنتهى (376) التدبير الذي في الغاية القصوى من اللطافة. * وإذا (377) كان هذا هكذا فليس يمكن أن يستعمل في الأمراض التي منتهاها متأخر عن ذلك المقدار متداول ما يحدث التدبير الذي في الغاية القصوى من اللطافة. وذلك * أنك (378) إن فعلت هذا مات المريض قبل أن يبلغ إلى منتهى مرضه. وأما الأمراض التي * ينتهي (379) منتهاها بديا أعني في الاربعة الايام الأول فيمكن أن يستعمل فيها التدبير الذي هو في الغاية القصوى من اللطافة لأن في الطبيعة * احتملا (380) لترك الغذاء بتة والاقتصار على ماء العسل وعلى اليسير جدا من ماء الشعير. وهذا هو التدبير الذي في غاية اللطافة. وما كان دون هذا في اللطافة وهو الذي سماه التدبير الأغلظ فإنما يصلح الأمراض التي منتهاها متأخر عن هذا الوقت، وأمر أبقراط في هذه الأمراض أن يكون انحطاطنا في التدبير من الغاية القصوى من اللطافة إلى ما دون ذلك على حسب نقصان المرض عن الغاية القصوى، يعني بالمنتهى. وذلك أنه إذا كان المنتهى قريبا فينبغي أن يكون تغليظنا للغذاء PageVW1P000 يسيرا. وإذا كان أبعد فينبغي أن يكون تغليظنا للغذاء أزيد، وكلما كان المنتهى فيما يقدر أبعد فعلى حسب ذلك ينبغي أن يكون تغيير ظريق الغذاء.
8
[aphorism]
مخ ۳۷۶
قال * أبقراط (381) : إذا بلغ المرض منتهاه فعند ذلك يجب ضرورة أن يستعمل التدبير الذي هو في الغاية القصوى من اللطافة.
[commentary]
مخ ۳۷۷
قال جالينوس: إن هذه القول أيضا من أبقراط هو جزء من علم التدبير، وبعضهم يفرده ويكتبه على حدة مثل ما وصفناه في هذا الموضع، وبعضهم يضيفه بالفصل الذي قبل هذا كما وصفناه فيما تقدم. وكيف ما كتب فالمعنى الذي يدلنا عليه معنى واحد وهو أن أبقراط أمر أن يستعمل في وقت منتهى المرض التدبير الذي في الغاية القصوى من اللطافة، PageVW6P007B وذلك لعظم الأعراض في ذلك الوقت ولكيما ينضج المرض. وذلك لأنه لا ينبغي أن تشغل الطبيعة عن إنضاج الأخلاط المولدة للمرض إذ كانت في ذلك الوقت مكثه عليها بقوتها كلها وإنما بقي لها اليسير حتى تستكمل الغلبة عليها. فيجب أن لا تشغلها بانضاج غذاء جديد يورده عليه كما قد يبنا في كتاب البحران وجميع هذا القول من أبقراط إنها هو في الأمراض التي تروم علاجتها والتدبير فيها، وهي التي يأتي بعد منتهاها انحطاط، لأن الأمراض التي يأتي عند منتهاها الموت فإنما يستعمل فيها جزءا جزءا من الطب وهو تقدمة المعرفة ويقتصر على أن يتقدم، فنخبر بما تكون كيما لا ينسب إلى أنه كان لنا فية سبب. وهذا وجه واحد يستدل به على طريق تقدير الغذاء وهو من أوقات المرض وله وجه آخر يستدل به عليه من قوة المريض نصفه في الفصل الذي بعد هذا.
9
[aphorism]
قال أبقراط: وينبغي * أيضا (382) أن تزن قوة المريض فتعلم * هل (383) كانت تثبت إلى وقت منتهى المرض وتنظر أي الأمرين * كائن (384) أقوة المريض * تخور (385) قبل * غاية (386) المرض ولا يبقى على ذلك للغذاء أم المرض * يخور (387) قبل وتسكن عاديته.
[commentary]
مخ ۳۷۸
قال جالينوس: ولما كان أبقراط قد أمر في الفصل الذي قبل هذا أن يكون انحطاط في التدبير الذي قد بلغ الغاية القصوى من اللطافة على حسب بعد المرض عن منتهاه، زادنا في هذا الفصل مطلبا أخر ليكون معرفتنا بالمقدار الذي ينبغي أن لا يتجاوزه في الأنحطاط على الاستقصاء والصحة. والمطلب الذي زادنا هو قوة المريض. وذلك أنا إنما نغذو بسببها، لا بسبب المرض نفسه. فمتى قدرنا مقدارا ما من الغذاء بحسب بعد منتهى المرض وقربه فرأينا القوة تفي بالثبات عليه إلى وقت منتهى المرض فإنا نكون قد قدرنا الغذاء على الاستقصاء. ومتى رأيناها تضعف على أن تفي به فينبغي أن تزيد في الغذاء وتغلظه على حسب ما يوجبه مقدار ضعف القوة. ولهذا قد نضطر في بعض الأوقات إلى أن نغذو المريض في وقت منتهى المرض نفسه إذا عرض له عارض تحل قوته. وهذا القول أيضا هو جزء من جملة قول أبقراط في تدبير الغذاء وإن جعل جاعل هذا الفصل والفصل الذي قبله والذي يأتي بعده قولا واحدا لم يخطأ. وأما أنا فإني إنما جزئته وفسرته جزئا جزئا ليكون بين وأوضح.
10
[aphorism]
مخ ۳۷۹
قال أبقراط: والذين يأتي منتهى مرضهم بديئا فينبغي أن يدبروا بالتدبير اللطيف بديئا، والذين يتأخر منتهى مرضهم فينبغي أن يجعل تدبيرهم في ابتداء * مرضهم (388) أغلظ ثم ينقص من غلظه قليلا قليلا كلما قرب منتهى المرض وفي وقت منتهاه بمقدار ما * تبقى (389) PageVW6P008A قوة المريض عليه. وينبغي أن يمنع من الغذاء في وقت منتهى المرض فإن الزيادة فيه مضرة.
[commentary]
قال جالينوس: إن هذا القول أيضا متصل بمعنى القول * الأول (390) الذي تقدم، إلا أنه أعم منه. وذلك أن أبقراط قال في الفصل الذي تقدم (i.7) * إنه (391) ينبغي أن يستعمل في الأمراض الحادة جدا التدبير اللطيف جدا منذ أول المرض. وقال في هذا الفصل قولا مطلقا إنه ينبغي في جميع الأمراض التي * يأتي (392) منتهاها بديئا أي بعد ابتداء المرض بقليل أن يستعمل التدبير اللطيف. وأما الكلام الذي يتلو هذا فبين * أنه (393) في هذا المعنى.
[commentary]
Ὁκόσοισι μὲν οὖν αὐτίκα ἡ ἀκμὴ, αὐτίκα λεπτῶς διαιτᾷν. ὁκόσοισι δὲ ὕστερον ἡ ἀκμὴ ἐς ἐκεῖνο καὶ πρὸ ἐκείνου σμικρὸν ἀφαιρετέον. ἔμπροσθεν δὲ πιωτέρως διαιτᾷν ὡς ἂν ἐξαρκέσῃ ὁ νοσέων.
[commentary]
- - -
[commentary]
Καὶ οὗτος ὁ λόγος τῆς αὐτῆς ἔχεται γνώμης. εἴρηται δὲ καθολικώτερον τοῦ πρόσθεν. ἔμπροσθεν μὲν γὰρ ἐπὶ κατοξέων τῶν νοσημάτων ἔλεγεν, ὡς αὐτίκα τῇ λεπτοτάτῃ διαίτῃ χρηστέον ἐπ' αὐτῶν. ἐν ταύτῃ δὲ ἁπλῶς ἀποφαίνεται περὶ πάντων τῶν νοσημάτων, ὧν αὐτίκα ἡ
[commentary]
ἀκμὴ, τουτέστιν οὐ μετὰ πολὺ τῆς πρώτης εἰσβολῆς, ταύτῃ κελεύων λεπτῶς διαιτᾷν. τὰ δ' ἐφεξῆς δῆλα τῆς αὐτῆς ἐχόμενα γνώμης.
11
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان للحمى أدوار فامنع من * الغذاء (394) في أوقات نوائبها.
[commentary]
مخ ۳۸۰
قال جالينوس: أما تقرير جملة الغذاء في كل واحد من الأمراض فأمرنا أبقراط أن نقصد فيه قصد غرضين، أحدهما منتهى المرض بحسب قربه وبعده والآخر قوة المريض بحسب شدتها وضعفها. وأما كيف تكون الأغذية الجزئية التي تتناول يوما * فيوما (395) على ما ينبغي فإنه علمنا ذلك في هذا الفصل فأمرنا أن نحذر أوقات نوائب الحمى ولا نغذو فيها. وقد شرح ذلك شرحا أبين من هذا في كتابه في تدبير الأمراض الحادة فقال إنه لا ينبغي أن يعطى المريض أغذيته في أوقات نوائب الحمى ولا إذا قرب وقتها لكن في أوقات انحطاطها وسكونها.
[commentary]
Ἐν δὲ τοῖσι παροξυσμοῖσιν ὑποστέλλεσθαι χρή. τὸ προςτιθέναι γὰρ λάπτει. καὶ ὁκόσα κατὰ περιόδους παροξύνεται, ἐν τοῖσι παροξυσμοῖσιν ὑποστέλλεσθαι χρή.
[commentary]
- - -
[commentary]
Τὸ μὲν τῆς ὅλης διαίτης εἶδος ἐν ἑκάστῳ τῶν νοσημάτων ἀπὸ δυοῖν σκοποῖν ἐκέλευσεν ἡμᾶς λαμβάνειν, ἔκ τε τῆς μελλούσης τοῦ ὅλου νοσήματος ἀκμῆς καὶ τῆς τοῦ κάμνοντος δυνάμεως. ὡς δ' ἄν τις καὶ τὰς κατὰ μέρος προςφορὰς ποιοῖτο προσηκόντως ἐν τῷδε λόγῳ διδάσκει, τοὺς παροξυσμοὺς ἀξιῶν φυλάττεσθαι. σαφέστερον δὲ αὐτὸς ἐν τῷ περὶ διαίτης ὀξέων εἶπεν, ὡς ἂν μήτ' ὄντων ἤδη μήτε ὅσον οὔπω μελλόντων ἔσεσθαι τῶν παροξυσμῶν διδῶμεν τροφὰς, ἀλλὰ δηλονότι δεῖ διδόναι παρακμαζόντων τε καὶ παυομένων.
12
[aphorism]
مخ ۳۸۱
قال أبقراط: إنه يدل على نوائب المرض * ونظامه (396) * ومرتبته (397) الأمراض أنفسها وأوقات السنة وتزيد الأدوار بعضها على بعض نائبة كانت في كل يوم أو يوما ويوما لا أو في أكثر من ذلك من الزمان * والأشياء (398) التي تظهر * بعد (399) . ومثال ذلك ما يظهر في أصحاب ذات الجنب فإنه إن ظهر النفث فيهم * بديا (400) منذ أول المرض كان المرض PageVW7P014B قصيرا، وإن تأخر ظهوره كان المرض طويلا، والبول والبراز والعرق إذا ظهرت بعد فقد * تدلنا (401) على جودة بحران المرض ورداءته وطول * المرض (402) وقصره.
[commentary]
مخ ۳۸۲
قال جالينوس: إن كنت ذاكرا لما تقدم قول أبقراط في تدبير الغذاء فإن الحاجة إلى ما قاله في هذا الفصل يكون عندك أبين. والذي تقدم من قوله هو أنه نحا في طريق تدبير الغذاء في الجملة نحو غرضتين، أحدهما قوة المريض والآخر مرتبة المرض. فإن النظر في المرض هل يكون حادا أو حادا جدا أو مزمنا ومتى يكون منتهاه هو النظر في مرتبة المرض. * وألحق (403) الدليل على الأغذية الجزئية التي تتناول يوما فيوما من نوائب الحميات الجزئية. فصارت الأعراض للتعرف لتدبير الغذاء معرفة تامة لا نقصان فيها ثلاثة أغراض، الأول قوة المريض الثاني نظام المرض والثالث النوائب الجزيئة. فأما قوة المريض فقد يمكنا أن نعرفها منذ أول دخلة ندخلها إلى المريض من بيض عروقه ومن سائر ما قد وصفه أبقراط في كتاب تقدمة المعرفة. ومن قبل هذا أنه لم يقل PageVW6P008B أحد إنه لا يمكن أن يعرف مقدار القوة، لكن جميع الأطباء متفقون على أنه كان لا يمكن أن يعرف مقدارها بالحقيقة فقد يعرف بالحدس الصناعي وهو الحدس الذي على سبيل التسديد والتقريب. وأما مرتبة المرض وكيف تكون * نوائب (404) الحمى فإن كثيرا من الأطباء قد ظن أنه لا يمكن أن يعرف من قبل أن يكون. وأما أبقراط فلم يظن هذا، وأمرها يعرف فيه كما يعرف سائر ما في الطب. وذلك أنا ربما عرفناها معرفة صحيحة يجوز أن نسميها يقينا وربما عرفناها بالحدس إلا أن ذلك الحدس ليس هو الحدس العام كيف ما وقع لكنه حدس صناعي قريب من الحقيقة واليقين فيتقدم ويعلم متى يكون منتهى المرض وفي أي وقت الأوقات يعود نوبة الحمى. وقد شرح أبقراط هذا شرحا أبين من هذا في كتابه في تقدمة المعرفة وفي كتاب أبيديميا، وقد فسرنا نحن أيضا ما وصف أبقراط في ذلك في هذين الكتابين شرحا شافيا على رأي أبقراط في المقالة الأولى من كتابنا في البحران، وبينا كيف يعلم متى يكون منتهى المرض قبل أن يكون بأقرب الطرف. وأما في هذا الموضع فإن أبقراط إنما أتى بجملة من هذا المعنى بإجاز، ونحن أيضا نمثل طريقته فنبين ما وصف بأخصر ما يمكننا من القول وأوجزه. فإن أراد مريد أن يعلم جميع أمر هذا الطريق على ما ينبغي فليقرأ كتابنا في البحران. فأقول إن الأمراض أنفسها قد تدل على تناسب نوائب الحمى وعلى نظام الأمراض. ومثال ذلك أن الحمى الغب من الحميات التي تأخذ وتدع تدل على أن المرض يكون قصيرا والبحران سريعا. وأما الحمى النائبة في كل يوم فتدل على أن المريض طويل. وأما الربع فتدل على أن المرض أطول من النائبة في كل يوم. وأما الحمى التي لا تفارق فإن الحمى التي تسمى المحرقة تدل على أن المرض حاد، والحمى التي * تسمى (405) * اللثغة (406) * أطول (407) ، والحمى المركبة التي يقال لها باليونانية أنطريطاوس تدل على أنها مرض متوسط بينهما. وقد وصفت بأبلغ ما يكون من الشرح كيف يعرف جميع الحميات منذ أول أخذها في المقالة الثانية من كتاب البحران. فليس ينبغي أن ننقل إلى تفسير هذا الفصل كلما قد تقدمنا فقلناه في كبت أخر وشرحناه على ما ينبغي، ولا أن نروم تكرير قولا واحدا مرارا كثيرة في كتب شتى في معنى واحد، لكن ينبغي أن نقتصر على أن نذكر بأنه إن كان ممكنا أن نعرف حمى الغب، وأول ما يبتدئ فقد يمكن أن يعلم منها أن المرض قصير وبحرانه سريع وأنها تنوب غبا، وهذا هو ما أراد أبقراط حين قال إن الأمراض نفسها تدل على نوائبها ومرتبتها. وقد عرفنا * مرارا (408) كثيرة حمى الربع مذ أول ما ابتدأت في أول يوم أخذت ولم تحتج في تعرفها إلى انتظار الدور الثاني فقدرنا * تدبيرا (409) للمريض منذ أول مرضه على حسب ما يصلح لمرض يأتي منتهاه بعد زمان طويل. PageVW6P009A وكذلك تقديرنا * التدبير (410) في الحمى النائبة في كل يوم والنائبة غبا على حسب قرب منتهى كل واحدة منهما وبعده. والحال في سائر الأمراض كالحال في الحميات. * فإن (411) ذات الجنب وذات الرئة والسرسام أمراض حادة. والذبحة والهيضة التشنج هي أمراض حادة جدا. والاستسقاء ومدة الجوف والوسواس السوداوي وقرحة الرئة وهو السل هي أمراض مزمنة. ونوائب الحمى أكثر ما يكون في ذات الجنب والسرسام غبا، وأكثر ما يكون فيمن به جراح فيه مدة في معدته أو في كبده وفي من به السل في كل يوم لا سيما بالليل، وأكثر ما يكون عليه نوائب الحمى فيمن كان مرضه من طحال أو من كان مرضه بالجملة من المرة السوداء يوما نعم ويومين لا. وأما ما قال أبقراط بعد هذا وهو قوله «وأوقات السنة» فإنه نسق على ما تقدم من قوله. وذلك أن أوقات السنة قد تدل مع المرض وعلى مرتبة المرض ونوائب الحمى. وليس يكفيك أن تعرف أن الحمى التي ابتدأت اليوم هي حمى الربع في تقدمة المعرفة منذ أول المرض بما ينبغي من تقدير * تدبير (412) الغذاء على حسب ما يصلح لمرض مزمن، لكنه ينبغي لك أن تنظر مع ذلك هل الوقت الذي ابتدأت فيه الحمى شتاء أو صيفا أو خريفا بعد أن تعلم أن حمى الربع الصيفية في أكثر الأمر تكون قصيرة الخريفة طويلة لا سيما متى اتصلت بالشتاء. ويعلمنا أبقراط هذا في فصول أخر تأتي بعد. وحمى الغب أيضا في نفسها قصيرة سريعة البحران، لكنها في الصيف أقصر وأسرع بحرانا كثيرا منها في الشتاء. وكل واحد من سائر الأمراض يزيد في الصيف سرعه وفي الشتاء أبطأ. ونوائب الحمى أيضا تكون في الصيف أكثر ذلك غبا وتكون في الخريف ربعا وتكون في الشتاء في كل يوم. وحال أصناف المزاج أيضا عند مرتبة المرض ونوائب الحمى كحال أوقات السنة، وقد علمنا أبقراط أمر أصناف المزاج * مرارا (413) كثيرة وترك ذكره في هذا الفصل اتكالا منه على أن الناظر في كتابه سيصرف ما قال في الأوقات إلى غيرها مما هو في نظيرها. وذلك إنما يدل عليه الوقت إذا كان صيفا قد يدل عليه مزاج المريض أيضا إذا كان حارا يابسا وسنه إذا كان قد بلغ منتهى الشباب والبلد الذي هو فيه إذا كان حارا يابسا والمهن والعادات التي تذهب هذا المذهب وحال الهواء المحيط بالمريض في الوقت الحاضر إذا كانت كذلك، ونستعلمك أمر هذه الأشياء فيما بعد. وكذلك أيضا كلما يدلك عليه وقت الخريف من أمر نظام المرض وأدوار نوائب المرض وأدوار نوائب الحمى قد يمكن أن يستدل عليه من سن المريض ومن طبيعته وعمله وعادته والبلد الذي مرض فيه ومزاج الهواء الذي من PageVW6P009B قبله عرض له ذلك المرض في ذلك الوقت. وقد تبين أنه قد يعرف من هذه الأسباب التي ذكرنا نظام الأمراض ونوائبها. أما نظام المرض فهل هو حاد أم حاد جدا أو مزمن، وهذا مما تحتاج إليه حاجة اضطرارية في تقدمة المعرفة بمنتهى المرض. وأما نوائب الحمى فهل تكون غبا أو ربعا أو في كل يوم وفي أي وقت من النهار أو من الليل يبتدئ. فلننظر الآن بعد هذا هل تدل على ما قاله أبقراط في أخر هذا الفصل على المعنيين الذين ذكرناهما أم لا. وذلك أنه قال «وتزيد الأدوار بعضها على بعض نائبه كانت في كل يوم أو يوما ويوما لا أو في أكثر من ذلك من الزمان». وتبين أنه يعني بتزيد الأدوار تزيد نوائب الحمى التي تكون في الأدوار، وقد يمكنك أن تعلم أن تزيد النوائب تدل على طريق تزيد المرض وقرب منتهاه أو بعده . * ومما (414) أصف أقول إنه يعرف تزيد النوبة الثانية على النوبة الأولى من ثلاثة أشياء، أحدها وقت نوبة الحمى والآخر طول النوبة والآخر عظمها. وسواء عليك قلت عظمها أو شدتها. فإن عادة الأطباء قد جرت بهذين الاسمين جميعا ويريدون * بهما (415) معنى واحد في موضع كثيرة، فربما قالوا إن هذه الحمى هي أعظم من الحمى التي تقدمتها، وربما قالوا إنها أشد وأقوى منها. وقد يمكن أن يكون لبث هذه الحمى التي هي أشد مثل لثب (الحمى) التي تقدمتها أو أقل منه أو أكثر منه، وليس هذا هو عظم النوبة أو شدتها، * لكنه (416) طولها. وينبغي * لك (417) أن تفهم عني من قولي * تزيد (418) النوبة في هذا الموضع أردأ جزء الدور كله وهو ما بين أول ابتداء الحمى وبين منتهاها، وكذلك انحطاط النوبة وهو أصلح حرء الدور وهو باقيه. وإذا تقدمت نوبة الحمى على قياس ما تقدم من نوائبها غبا كانت أو ربعا أو نائبة كانت في كل يوم وامتدت مع تقدمها زمان أطول مما كانت تمتد وكانت مع ذلك أشد مما كانت تكون، فتزيد المرض يبين ومقدار كل واحد من هذه الثلاثة يدل على مقدار تزيد المرض. وذلك أن النوبة إذا تقدم أخذها بمقدار من الزمان أكثر وطالت أيضا بمقدار أكثر واشتدت أيضا بمقدار أكثر، دلت على أن تزيد الحمى قوي وأن حركة المرض سريعة وأن المنتهى قريب. وذلك أنه لا يمكن أن يكون تزيد النوائب عظيما ثم لا يكون المنتهى قريبا. وأما النوبة التي هي ضد هذه وهي التي * يكون (419) تزيدها قليلا قليلا في كل واحد من الثلاثة الخصال التي وصفنا فهي التي تدل من قبل هذا أن المنتهى أبعد. فهذا ما قد يتعرفه من تزيد الأدوار أعني أن نخبر بعد كم من الزمان يكون منتهى المرض ويعلم منه أيضا حد وقت نوبة الحمى على الصحة. والأول مما وصفنا يحتاج إليه لتقدير غذاء المريض في مرضه كله، والثاني مما وصفنا يحتاج إليه تتقدير أوقات PageVW6P010A غذائه في يوم يوم في علته، وهذان هما الشيئان الذان قصد أبقراط منذ أول كلامه إلى أن يعلمنا الأغراض التي يقصد لها في طلبها. وليس يشك أحد في أنه إنما بالدور عود الشيء إلى ما كان عليه. ثم قال «والأشياء أيضا التي تظهر بعد» يريد أنه ينبغي أن يستدل أيضا * على (420) نوائب الحميات ونظام المرض كله من الأشياء التي تظهر بعد. وسواء عليك سميت هذه الأشياء من الاشياء التي تظهر بعد أعراضا أو علامات. وينبغي أن يعلم من أمر جميع العلامات والأعراض أن منها ما هي مقومة للأمراض بها قوامها ومنا ما هي لاحقة بها ومنها ما يدل على البحران ومنها ما يدل على النضج ومنها ما يدل على تمام النضج ومنها ما * يدل (421) على عدم النضج ومنها يدل على الهلاك. فالقيمة للأمراض تبتدئ مع المرض منذ أوله واللاحقة لها ربما ابتدأت مع المرض منذ أوله، وربما حدثت من بعد، وربما لم تحدث البتة. وذلك أنها ليست مما * لا (422) يفارق المرض ولا هي بمقيمة مقومة للشيء الذي هو المرض بمنزلة الجوهر، لكنها تصير فيه أصنافا مختلفة. وأما الأعراض التي سماها أبقراط أعراض البحران فليس يمكن أن تبتدئ مع المرض منذ أول ابتدائه الصحيح، ويمكن أن يبتدئ مع ابتداء المرض على المعنى الثاني، والثالث من معاني الابتداء وسأذكرها بعد قليل. وكثيرا مما لا يظهر فيها لكن يظهر في صعود المرض أو في منتهاه. وأما علامات النضج فليس تبتدئ * أيضا (423) في وقت من الأوقات مع المرض منذ أول ابتدائه لكن يحدث ابتداء المرض الذي هو جزء من جملته. وأما علامات عدم النضج فتبتدئ مع المرض منذ ابتدائه وربما حدثت بعد ابتدائه، وكذلك علامات الموت. فإنه حدوث هذا أيضا إنما هو من بعد. فأما ابتداء المرض فقد بينا في كتاب البحران أنه يقال إنه على أول وقت يبتدئ فيه وهو وقت لا ينقسم ولا جزء له، ويقال على الوقت الذي هو جزء من جملة المرض إذا قسم إلى ابتدائه وتزيده * ومنتهاه (424) وانحطاطه، ويقال أيضا على الوقت الذي بين أول المرض وبين أن يمضي للمريض ثلاثة أيام. فقد بينا في ذلك الكتاب أيضا قوى جميع الأعراض التي ذكرناها وشرحنا مع ذلك أقاويل من كلام أبقراط تحتاج إليها في هذا الكتاب حاجة اضطرارية وسنذكر تلك القوى في * غير (425) هذا الموضع أيضا بإجاز. PageVW0P089A ومن * أراد (426) أن يستوعب علم أبقراط كله في هذا الكتاب فليقرأ ذلك الكتاب. ولما أشار أبقراط بأن يستدل على نظام المرض كله * والأشياء (427) التي تظهر بعد ذكرا واحدا من الأمراض باسمه جعله مثالا، فقال «ومثال ذلك ما يظهر في * أصحاب (428) ذات الجنب * فإنه (429) إن ظهر النفث PageVW6P010B * فيهم (430) بديا منذ أول المرض كان المرض قصيرا، وإن تأخر ظهوره كان المرض طويلا». وقد يقدر * أن (431) يعلم ما وصفه * أبقراط (432) من هذا علما * واضحا (433) إن أنا كتبت لك في هذا الموضع ما قال أبقراط في المقالة * الثالثة (434) من كتاب إبيذيميا في الرجل الذي * أصابته (435) ذات الجنب واسمه أنكسين، وقد شرحنا أمر هذا الرجل في المقالة الأولى من كتاب البحران. وهذا هو قول أبقراط فيه * «أصاب (436) أنكسين الملقى * الذي (437) كان بمدينة أبديرا عند الباب * الذي (438) إلى ناحية بلد تراقي حمى حادة ووجع دائم في جانبه الأيمن وسعال يابس ولم يقذف شيئا في الأيام الأول من مرضه وكان به عطش وأرق، إلا أن بوله كان حسن اللون رقيقا كثيرا. وأصابه في اليوم السادس هذيان. وكان يكمد فلا يخف ألمه بالتكميد. واشتد وجعه في اليوم السابع. وذلك أن حماه تتزيد ولم * ينقص (439) وجعه وكان السعال يؤذيه وكان نفسه عسرا. وفصد في اليوم الثامن من باطن * مرفقيه (440) وأخرج له دم كثير كما كان ينبغي فخف وجعه، * ولزمه (441) السعال اليابس الذي كان به ولم * يبعد (442) . ثم خفت حماه في اليوم الحادي عشر وعرق رأسه عرقا يسيرا. ولأن سعاله ورطب ما كان * يقذفه (443) من رئته. ثم ابتدأ يقذف في اليوم السابع عشر شيئا نضيجا PageVW0P089B يسيرا * وخف (444) . ثم عرق في اليوم العشرين وأقلعت عنه الحمى. * وخف (445) من بعد أن * أصابه (446) البحران، إلا أنه كان به عطش ولم يكن ما ينفثه من رئته بمحمود. ثم عاودته الحمى في * اليوم (447) السابع والعشرين وسعل وقذف شيئا نضيجا كثيرا. وظهر في بوله * ثفل (448) راسب كثير أبيض وسكن عطشه ونام. ثم عرق بدنه كله في اليوم الرابع والثلاثين وأقلعت * عنه (449) الحمى وأصابه بحران تام». وكان مرض أنكسين هذا منذ أوله ذات الجنب، إلا أنه لم يكن ينفث شيئا * منذ (450) أوله، لكن كان سعاله إلى اليوم * الثامن (451) يابسا بعد كما قال أبقراط. * ولذلك (452) تطاول * مرضه (453) إلى أربعة وثلاثين يوما على * أن (454) مرض ذات الجنب على * الأكثر (455) إنما يكون حد بحرانه في الرابع عشر، فإن تجاوز هذا فإنه لا محالة يكون في اليوم العشرين. ولو كان * قذف (456) قبل أن يأتي عليه في مرضه ثلاثة أيام لقد كان سيأتيه البحران في اليوم السابع أو في التاسع وأقصاه في اليوم الحادي عشر، ولو ابتدأ يقذف في اليوم الثالث لما جاوز مرضه الرابع عشر. والسبب في هذا أنه يعرض في جميع الأورام إذا كانت في عضو * ليس (457) عليه غطاء كثيف، كمثل ما على * الأورام (458) الحادثة تحت الجلد * أن (459) يرشح منها * صديد (460) ويكون في ابتداء رشحه * رقيقا (461) ثم يصير بعد ذلك أن هو * نضيج (462) وصار إلى حال * هي (463) أفضل * وأغلظ (464) مما كان. وهذا القذف الذي هو أغلظ يختلف فيكون بعضه أقل نضجا وبعضه أكثل نضجا. ويظهر لك ما وصفنا من هذه PageVW0P090A PageVW6P011A * الأورام (465) الحادثة في الفم والعينين. وفي غيرهما مما تحت الجلد من الأعضاء إذا كان قد حدث فيما يغشيه من الجلد خرق نافذ. فإنه قد يسيل من * الجرح (466) إذا كانت هذه حاله من الصديد مثل ما وصفنا. فإذا حدث ورم في وقت من الأوقات في تلك الأعضاء التي وصفنا يمنع من سيلان الصديد حتى لا يخرج منه شيء * البتة (467) ، وجب ضرورة أن يكون ذلك الورم عسر النضج طويل اللبث. فعلى هذا المثال فافهم حال من به ذات الجنب. وذلك أن هذا * المرض (468) هو من حبس الأورام فينبغي أن يطلب فيه علامات * النضج (469) . وذلك أنه إذا كان صاحبه لا ينفث شيئا * بتة (470) فمرضه في * الغاية (471) من عدم النضج، وهذه هي المرتبة الأولى * منه (472) . والمرتبة الثانية منه إذا قذف صاحبه * شيئا (473) رقيقا، والمرتبة الثالثة منه إذا صار ما ينفث * منه (474) أغلظ مما كان، والمرتبة الرابعة * منه (475) إذا نضج النضج التام، إلا أن هذا إن ظهر في اليوم الثالث أو في * اليوم (476) الرابع فليس يمكن أن يجاوز المرض اليوم السابع. ويلزم ضرورة أن يكون طول كل واحد من سائر أصناف * هذا (477) المرض وقصره على حسب ما يظهر فيه من مقدار النضج. وكما أنه إذا نفث المريض * بزاقا (478) مستوي الأجزاء * أبيض (479) * مستويا (480) في جميع الأيام ولم يكن قوامه رقيقا ولا مفرط الغلظ كان علامة النضج التام، كذلك احتباس النفث * البتة (481) تكون علامة لعدم النضج كله. فإن نفث المريض شيئا لكنه رقيق بعد كان ذلك علامة تدل على أن * النضج (482) ضعيف خفي. فإن كان ما ينفث خالصا وكان لونه اللون الأحمر PageVW0P090B * الناصع (483) أو اللون الأصفر المشبع فليس بمحمود. فإن كان لونه * كمدا (484) أو لون الزنجار أو أسود، * كان (485) من أدل العلامات على الهلاك. وقد لخصت العلامات الدالة على النضج والدالة على عدم النضج والدالة على الهلاك * فينبغي (486) أن يعلم أن علامات النضج جيدة محمودة لا محالة لأنها تدل على * أن (487) انقضاء المرض يكون سريعا، وكذلك علامات الهلاك أبدا * رديئة (488) لأنها تدل على أن تلف المريض يكون سريعا. وأما علامات عدم النضج فإنها تدل على أن المرض يطول ضرورة، وليس فيها نفسها دلالة * تدل (489) على أن المريض يموت أو يسلم، لكنك إذا نظرت مع نظرك فيها * في (490) قوة المريض قدرت أن تتقدم فتعلم ما سيكون من أمره. ومن العلامات جبس آخر سماه أبقراط * بحرانيا (491) أي * الدليل (492) على البحران، وهو العرق والنافض وسيلان الدم والاختلاف الكثير والقيء الكثير والصداع العارض بغتة وعسر النفس العارض من * غير (493) علة ظاهرة، والخفقان والتمدد العارض فيما دون الشراسيف من غير وجع، والأرق الشديد واختلاط الذهن * والقلق (494) العارض في الليل من غير سبب يعرف ويقدم نوبة الحمى والدموع PageVW6P011B إذا عرضت بغتة من غير علة تكون في * العينين (495) ولا حزن، والحمرة العارضة في الوجه واختلاج الشفة السفلي وأن يرى المريض إمامه سوادا أو شعاعا، والحمرة التي تعرض بغتة في الوجنتين أو في الأنف والورم الحادث في أصل الأذن والخراج * الذي (496) يعرض في بعض الأعضاء. وهذه كله وغيرها مما أشبهها تسمى أعراضا من جهة الشيء الخاص الذي هو له بمنزلة الجوهر وتسمى علامات البحران، لأنها تدل على تغير * سريع (497) ، وهي تنذر بأحد أمرين. وذلك أنها إن ظهرت من بعد نضج المرض دلتك على سلامة قريبة، وإن * ظهرت (498) قبل أن يظهر نضج * دلتك (499) على بحران ليس بمحمود * وتؤدي (500) إلى تلف المريض أو إلى طول مرضه. وقد يدلك دلالة يبنة على أن طبيعة هذه العلامات الدالة على البحران غير طبيعة العلامات الدالة * على (501) النضج * ما (502) أنا واصفه لك، وهو أن أبقراط قال في المقالة الأولى من كتاب إبيذيميا إن «النضج يدل على سرعة البحران وعلى الثقة بالصحة». وأما الشيء الذي لم ينضج إذا صار إلى الخروج الرديء * فيدل (503) إما على أنه لا يكون بحران وإما على صعوبة وإما على طول من المرض وإما على موت وإما على عودة * تكون (504) من المرض.
[commentary]
قال * (505) * حنين (506) : يعني بالخروج الرديء على ضربين إما خروج * على (507) جملة * البدن (508) إلى أن يصير منه خراج في موضع * من (509) باطن البدن وإما خروج من باطن البدن حتى * يصير (510) * في (511) موضع من ظاهره فيكون * خراجا (512) .
[commentary]
مخ ۳۹۸
قال * (513) جالينوس: وهكذا يمدح أبقراط نضج المرض بالجملة. وقد مدحه في شيء من الأشياء الخزئية في كتاب تقدمة المعرفة وعلمنا علاماته. فقال إن * أفضل (514) البول ما كان فيه قشار * راسب (515) أبيض * أملس (516) مستوي الأجزاء * متساويا (517) في الأيام إلى وقت بحران المرض. وذلك أنه يدل على ثقة وعلى أن المرض * بسيط (518) . * فهكذا (519) مدح النضج في البول لأنه يدل على النضج الكائن في العروق. ومدح أيضا النضج الكائن في * المعدة (520) وعلمنا علاماته عند ما قال إن أفضل البراز ما كان لينا متصلا يخرج في الوقت الذي كان يخرج فيه في الصحة ومقداره على قياس ما يتناول. وكذلك أيضا مدح النضج الكائن في آلات PageVW0P091B * النفس (521) وعلمنا علاماته فقال إنه ينبغي أن يخرج * البزاق (522) في جميع الأوجاع التي تكون في الرئة والأضلاع بسرعة وسهولة، ويرى الأحمر الناصع فيه كثير * شديد (523) الاختلاط * بالبصاق (524) . فعلامات النضج محمودة لا محالة. فأما علامات البحران فليست كذلك، فقد قال أبقراط إن العلامات PageVW6P012A التي تكون في وقت البحران إذا ظهرت ثم لم يكن * بحران (525) ، ربما دلت على * موت (526) وربما دلت على أن البحران يعسر. ودل أيضا على هذا المعنى بعينه حين قال إن الأشياء التي تدل على أن البحران * إلى (527) الحال * التي (528) هي أفضل لا ينبغي أن تظهر * بديا (529) . فأما علامات النضج ففي أي وقت ظهرت فهي محمودة، من قبل أن هذا الحبس * كله (530) من العلامات دال على * خير (531) لا محالة. فليس * إذا (532) قوله في هذا الفصل * حيث (533) قال مثال ذلك * أن (534) ما يظهر * في (535) أصحاب ذات الجنب فإنه إن ظهر النفث * فيهم (536) بديا منذ أول المرض كان المرض قصيرا * مضادا (537) لقوله إن الأشياء التي يكون بها البحران إلى الحال التي هي أفضل لا ينبغي أن تظهر بديا. وذلك أن علامات * البحران (538) قد تكون في بعض الأوقات رديئة، وليس يكون شيء من * علامات (539) النضج في وقت من الأوقات رديئا، لكنها كلها جيدة محمودة لا محالة، وكلما كان * ظهورها (540) أسرع دلت على أن برء المريض يكون أسرع. وقد يكتفى * بما (541) وصفنا من هذا على الايجاز والاختصار في هذا الموضع. وقد بينت رأي أبقراط وقلوله كله في هذا الباب في كتاب البحران. وكيما يكون قولنا في قسمة العلامات التي قسمناها قبيل تاما فإنا واصف * أمر (542) العلامات المقومة للمرض والعلامات اللاحقة PageVW0P092A له ومبين * بماذا (543) يخالف العلامات التي ذكرناها * قبيل (544) وواضع لذلك * واحدا (545) من الأمراض وهو الذي ذكره أبقراط ليكون مثالا. فأقول إن في ذات الجنب * تظهر (546) الحمى الحادة وعسر النفس والسعال والوجع العارض في الجنب ننخس هي علامات مقومة لهذا المرض. وبلوغ الوجع إلى ما دون الشراسيف أو إلى الترقوة من العلامات اللاحقة للمرض، * وكذلك (547) أيضا أن يكون سهولة الاضطجاع على * المريض (548) على الجنب الوجع أكثر منها على الجنب * الآخر (549) . وقد كتب أفركساغورس الذي من آل * فسرحس (550) في هذه العلامات اللاحقة للمرض مقالتين، وكتب في العلامات التي تحدث بعد مقالة واحدة، وإنما أعني بالعلامات التي تحدث بعد العلامات التي * تظهر (551) بعد، وهي التي قال أبقراط إنها إذا ظهرت دلت على جودة البحران وردءته * وقصر (552) المرض وطوله. ولم يقتصر على ذكر * البراق (553) ، لكنه ذكر معه البول والبراز * والعرق (554) وجعلها * لنا (555) مثالا ليذكرنا بها * ما (556) قال * أبقراط (557) فيها في كتاب تقدمة المعرفة ونقل ما قال في ذلك * الكتاب (558) إلى هذا الكتاب أني * فضل (559) . وذلك أنا قد * بيناه (560) في كتاب البحران وفي تفسيرنا لكتاب تقدمة المعرفة وشرحنا فيها رأي أبقراط وقوله * فيها (561) .
13
[aphorism]
قال * (562) أبقراط: المشايخ أحمل الناس للصوم ومن بعدهم الكهول * والفتيان (563) أقل احتمالا له وأقل الناس PageVW6P012B احتمالا للصوم الصبيان، * ومن (564) كان من الصبيان أقوى شهوة فهو * أقل (565) احتمالا له.
[commentary]
مخ ۴۰۱
قال جالينوس: إنه قد ينتفع أيضا بمعرفة اختلاف الإنسان في معرفة تدبير الأغذية. وذلك أن الإمساك عن الطعام على * المشائخ (566) PageVW0P092B * سهل (567) وعلى الصبيان * صعب (568) . ومعنى السهولة أنهم لا يجوعون جوعا * شديدا (569) ولا يضرهم * ذلك (570) ، ومعنى * الصعوبة (571) ضد ذلك. وذلك أن الصبيان يجوعون أكثر من * غيرهم (572) وينالهم من * المضرة (573) * عند (574) الإمساك عن الطعام وقتا طويلا أكثر. فأما الإنسان المتوسطة فيما بين سن الصبيان وبين * سن (575) * المشايخ (576) فعلى حسب قربها من كل واحدة من هاتين السنتين يكون ما ينال أصحابها من الأذي والمضرة عند * الإمساك (577) عن الطعام وقتا طويلا. وقد أخبر أبقراط بالعلة فيما * قاله (578) في هذا الفصل في فصل أتى بعده أوله * أن (579) «ما كان من الأبدان في النشو فالحار الغريزي فيهم على غاية ما يكون * عليه (580) من الكثرة»، حتى إن أراد مريد أن يصل هذين الفصلين بعد أن يزيد فيما بينهما، وذلك فإنه يكون * منهما (581) قولا واحدا بينا واضحا على هذا المثال «المشايخ أحمل الناس للصوم ومن بعدهم الكهول والفتيان أقل احتمالا له وأقل الناس احتمالا للصوم * الصبيان (582) * (583) . وذلك أن ما كان من الأبدان في النشو فالحار الغريزي فيهم على غاية ما يكون عليه * من (584) الكثرة».
[commentary]
قال حنين: إن هذا القول في اليوناني يفهم على أنه يجوز أن يكون أبقراط عنى أن أكثر الحار الغريزي في سن النشو أكثر من سائر أخلاطه، ويجوز أن يكون عنى أكثر الحار الغريزي في سن النشو في سائر * الأسنان (585) .
[commentary]
مخ ۴۰۲