جلاله من التفرد بالربوبية ، فلم يكن في قولهم إلها واحدا ، وعاد في وصفهم (1) كثيرا عددا.
ومن دلائل الهدى والحق ، في بعد ربنا من مشابهة الخلق ، ما يقول الله سبحانه : ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم (3) ) [الحديد : 3]. وكيف يكون لمن كان أولا آخرا ظاهرا باطنا من الأشياء شبيه أو نظير؟! أو يعتقد (2) ذلك في من كان كذلك أبدا عقل صحيح أو ضمير؟!
وأول الأشياء أبدا غير آخرها ، وباطن الأشياء فغير ظاهرها ، فكفى بما قال سبحانه في ذلك (3) بيانا ودليلا ، على أن لا يكون شيء من الأشياء كلها له شبيها ولا مثيلا.
وفيما من ذلك أبانه ، يقول سبحانه : ( هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم (22) هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون (23) هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم (24)) [الحشر : 22 24]. فدل سبحانه على نفسه بأنه هو ، وأنه لا نظير له ولا كفو.
وكذلك قال من رسله كل من قد (4) عرفه ، عند ما سئل عنه فوصفه ، أو دل من جهله عليه ليعرفه ، فقال إبراهيم عليه السلام خليله ، لمن كان من قومه يجهله ، ولمن كان يلحد فيه ويجادله ، يا قوم : ( إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض ) [الأنعام : 79]. وقال صلى الله عليه لقومه ، عند ما من الله عليه به من معرفته وعلمه : ( قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون (75) أنتم وآباؤكم الأقدمون (76) فإنهم عدو لي إلا رب العالمين (77) الذي خلقني فهو يهدين (78) والذي هو يطعمني ويسقين (79) وإذا مرضت فهو يشفين (80) والذي يميتني ثم يحيين
مخ ۶۵۹