تفسير بيان السعاده په مقاماتو کې د عبادت
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
ژانرونه
تحقيق مادة الملك واقسام الملائكة
واذكر { وإذ قال ربك } حتى تعلم ان الكل خلق للانسان او ذكرهم بذلك حتى يعلموا فان فى قصة خلقة آدم وسجود الملائكة له دليلا على أن خلقة الكل لاجله { للملائكة } جمع الملك باعتبار اصله فان اصله مألك من الالوكة بمعنى الرسالة فقلب فصار معفل بتقديم العين ثم حذف الهمزة فصار معل، وقيل: اصله مفعل من لاك يلوك بمعنى ارسل فقلب الواو الفا بعد نقل حركته ثم حذف وقيل اصله فعال من ملك يملك فحذف الالف، والملك على أنواع منها ملائكة ارضيون متعلقون بالماديات سواء كانوا متعلقين بالاجرام السماوية او بالاجرام الارضية؛ ولهم ترقيات وتنزلات والملائكة السجد والركع منهم، وما ورد من سقوط ملك عن مقامه وتنزله عن مرتبته وشفاعة شفيع له هو فى هذا النوع لا فى سائر الانواع فان الملائكة الغير المتعلقة بالماديات كل واحد منهم له مقام معلوم.
وليعلم ان العوالم بوجه ثلاثة؛ اولها عالم الجنة والشياطين وفيه الجحيم ونيرانها وهو محل الاشقياء والمعذبين من بنى آدم وهو تحت عالم الماديات وان كان ذلك العالم مجردا عن المادة، وثانيها عالم الماديات من السماوات والسماويات والارض والارضيات وهذا العالم أضعف العوالم، وثالثها عالم المجردات العلوية وهو عالم الملائكة بمراتبها من السجد والركع وذوى الاجنحة مثنى وثلاث ورباع، والمدبرات أمرا، والصافات صفا، والقيام المهيمنين الذين لا ينظرون، ولاهل عالم الجنة من أنواع الجنة والشياطين قدرة باقدار الله على أنواع الخوارق والتصرف فى عالم الماديات مثل اهل عالم الملائكة من دون فرق، والجنة والشياطين على نوعين، نوع منهم فى غاية البعد والخباثة غير قابلين للهداية، ونوع منهم لهم قرب من عالم الماديات، وبسبب هذا القرب كانوا مستعدين للهداية والايمان ولهم ترقيات وتنزلات، وكذلك الملائكة على نوعين؛ نوع منهم فى غاية البعد عن الماديات وهم المجردات عن الماديات وعن التعلق بها والتدبير لها وهم العقول والارواح، ونوع منهم لهم التعلق والتدبير للماديات وهم الملائكة الموكلة على الارضيات من الاجرام العلوية والسفلية والمأمور بسجدة آدم من حيث فعلية آدميته هو هذا النوع كما فى الاخبار أن المأمورين بسجدة آدم هم ملائكة الارض واعتراض الملائكة المستفاد من الآية والأخبار أيضا من هذا النوع ولمجانسة هذا القسم للجنة كان ابليس مشابها لهم ومشتبها عليهم وعابدا فيهم بل نقل انه كان اماما ومعلما وحاكما لهم ولقومه، وكانوا محاربين للابالسة والجنة طاردين لهم عن وجه الارض سارقين للشيطان رافعين له الى سمائهم، والمأمور بسجدة آدم من حيث مقام الآدمية وان كان هذا النوع من الملائكة لكن المأمور بسجدته من حيث سائر مقاماته بل من حيث مقام علويته المكونة جميع أنواع الملائكة بل جميع الموجودات الامكانية لأن جميع الموجودات واقعة تحت تصرف ارباب أنواعها ومسخرة لها، وجميع أرباب الانواع واقعة تحت تصرف رب النوع الانسانى ومسخرة له، وقد أشير فى الاخبار الى ذلك وان آدم صار مسجودا لكون على (ع) والائمة فى صلبه.
تحقيق كيفية قول الله وأمره للملائكة
{ إني جاعل } اى خالق فقوله { في الأرض } ظرف للجعل او هو من جعل بمعنى صير المعدى الى المفعولين فقوله فى الارض مفعول ثان { خليفة } منى يأمر بأمرى وينهى بنهيى ويعدل بعدلى، او خليفة منكم فى الارض لاصلاح الارض بعد رفعكم الى السماء، او خليفة من الشياطين والجنة بعد ان طردتموهم عن وجه الارض وقوله تعالى للملائكة ليس بنداء يسمع ولا بصوت يقرع بل نقول: ان العوالم مترتبة بعضها فوق بعض والعالى محيط بالدانى ومصدر له ومظهر للاعلى، وكلما يريد العالى ايجاده من فعل او وصف او ذات فى العالم الدانى يظهر تلك الارادة وذلك المراد بصورته وتمام اوصافه ولوازمه بل بحقيقته التى هى أحق به من حقيقته التى هو بها هو فى العالم المتوسط بين العالى وذلك الدانى، وذلك الظهور هو قول العالى بالنسبة الى ما ظهر فيه فاذا أراد الله خلق آدم البشرى فى عالم الطبع يظهر لا محالة تلك الارادة وهذا المراد فى عالم الواحدية وهو عالم المشيئة بوجه وعالم الاسماء والصفات بوجه وعالم اللاهوت بوجه وعالم علوية على (ع) بوجه وتلك الصورة بل الحقيقة الظاهرة انسان لاهوتى ثم يظهر فى عالم الملائكة المهيمنين ثم فى عالم الصافات صفا ثم فى عالم المدبرات امرا ثم فى عالم ذوى الاجنحة ثم فى عالم الركع والسجد ثم فى عالم الطبع، ثم فى الملكوت السفلى وهى عالم الجنة والشياطين، وظهور آدم (ع) على مراتب الملائكة بتمام لوازمه واوصافه ومن جملتها خلافته من الله فى الارض قوله تعالى لهم { إني جاعل في الأرض خليفة } ، والمقربون من الملائكة لاحاطتهم وسعة ادراكهم ادركوا من آدم (ع) لوازمه وصفاته الظاهرة والباطنة وماله بالفعل وما فيه بالقوة فعلموا أنه مركب من الاضداد ومحل للرذائل موصوف بالشهوات المستدعية لهيجان الغضب والتباغض مع من منعه عن مشتهاه والغضب يقتضى القتل والاسر والنهب والافساد، وعلموا ايضا انه محل ووعاء للانسانية التى من شأنها تسخير الاضداد واطاعة المتضادات وأنه بكل من اوصافه مناسب لموجود من الموجودات ولا يمكن ان يكون الخليفة بين المتضادات غير آدم الذى هو مجمع الاضداد فلم يستعجبوا من استخلاف آدم ولم يستنكروه، واما ملائكة الارض فلما كان لكل شأن واحد ولشأنه حد محدود لا يتجاوزه نظيرهم القوى والمدارك الانسانية فان لكل شأنا ولشأن كل حدا مثل قوة السمع شأنه مقصور على ادراك الاصوات، وادراكه للاصوات محدود بحد معين من الصوت والمسافة لم يدركوا من آدم سوى ما عليه ظاهره من كونه مجمعا للاضداد مقتضيا للقتل والنهب والفساد، ولم يدركوا باطنه من الانسانية المسخرة للكل واستعجبوا من استخلافه واستنكروه وأطلقوا لسانهم اللائق بحالهم { قالوا } بصورة الانكار { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدمآء } كما كان هذا فعل الشياطين والجن ولا تجعل منا خليفة يعدل فى الارض ويرفع الفساد ويحفظ الدماء وتجعلنا مطيعين لمثل هذا محكومين له.
تحقيق معنى التسبيح والتقديس والفرق بينهما
{ ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك } فنحن أحق بالخلافة لعدم الاوصاف المتضادة فينا. والتسبيح والتقديس فى العرف بمعنى واحد وهو التطهير والتنزيه لكنهما اذا أضيفا الى الله تعالى يراد بالتسبيح التطهير من القبائح والنقائص لا بشرط عدم الاوصاف والاضافات بل مع بقاء الاوصاف والاضافات والكثرات وبالتقديس التطهير من النسب والاضافات ورفع الكثرات، او يراد معنى بالتقديس أعم من التنزيه من القبائح والنسب وثبوت الكثرات وبعبارة أخرى ملاحظة حق الاول باسمه الواحد يعنى بجملة صفاته الثبوتية والسلبية وجملة اضافاته تسبيحه وملاحظته باسمه الاحد من غير ملاحظة اسم وصفة وكثرة وتعين واعتبار بل مع ملاحظة عدمها تقديسه، وقد يستعمل كل فى معنى الآخر فهما كالفقراء والمساكين اذا اجتمعا افترقا واذا افترقا اجتمعا ومعنى سبحان الله تنزه الله من النقائص تنزها، ومعنى قدس الله تنزه الله من الاضافات والاعتبارات تنزها، وقول الصادق (ع) وهل هناك شيئ، فى جواب من قال: الله اكبر من اى شيئ، اشارة الى مقام قدسه لا الى مقام تسبيحه فالفرق بين تسبيحه تعالى وتقديسه كالفرق بين المأخوذ لا بشرط والمأخوذ بشرط لا بالنسبة الى الاوصاف والكثرات، او كالفرق بين المأخوذ بشرط شيئ والمأخوذ بشرط لا ولهذا قلما ذكر تسبيح بدون ذكر الحمد الدال على اتصافه بالاوصاف الحميدة، ولابتلاء عامة الخلق بالكثرات لم يذكر التقديس الدال على نفى الكثرات الا قليلا وتقدير قوله تعالى { نسبح بحمدك } نسبحك ونطهرك عن النقائص او نسبح اسمك او نسبح نفوسنا بسبب حمدك او متلبسين بحمدك، { ونقدس لك } ، نقدسك بزيادة اللام او نقدس نفوسنا لك او نقدس اسمك لك { قال } الله فى جواب استغرابهم { إني أعلم } من آدم ومن المكمون فيه من الانسانية السيارة المسخرة لجميع الاضداد المناسبة بسعتها وجامعيتها لجملة ما فى العوالم وجملة الشؤن ومن الكفر المكمون الملتبس عليكم فى بعض وهو ابليس وانه لا يظهر ذلك الا بخلقه آدم { ما لا تعلمون } ولذا تستغربون وتستنكرون استخلافه بملاحظة ما تدركون منه من شؤنه الظاهرة المتضادة المقتضية للافساد. روى عن الباقر (ع) عن آبائه عن أمير المؤمنين (ع) ان الله لما اراد ان يخلق خلقا بيده وذلك بعد ما مضى على الجن والنسناس فى الارض سبعة آلاف سنة فرفع سبحانه حجاب السماوات وأمر الملائكة ان انظروا الى اهل الارض من الجن والنسناس فلما رأوا ما يعملون فيها من المعاصى وسفك الدماء والفساد فى الارض بغير الحق عظم ذلك عليهم وغضبوا لله تعالى وتأسفوا على الارض ولم يملكوا غضبهم وقالوا: ربنا انت العزيز القادر العظيم الشأن وهذا خلقك الذليل الحقير المتقلب فى نعمتك المتمتع بعافيتك المرتهن فى قبضتك وهم يعصونك بمثل هذه الذنوب ويفسدون فى الارض ولا تغضب ولا تنتقم لنفسك وانت تسمع وترى وقد عظم ذلك علينا وأكبرناه لك، فقال تعالى: { إني جاعل في الأرض خليفة } تكون حجة لى فى أرضى على خلقى، قالت الملائكة: { أتجعل فيها من يفسد فيها } كما أفسد هؤلاء ، { ويسفك الدمآء } كما فعل هؤلاء، ويتحاسدون ويتباغضون فاجعل ذلك الخليفة منا فانا لا نتحاسد ولا نتباغض ولا نسفك الدماء، { ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك } ، قال تبارك وتعالى: { إني أعلم ما لا تعلمون } ، انى أريد ان أخلق خلقا بيدى وأجعل فى ذريته الانبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين وائمة مهديين وأجعلهم خلفائى على خلقى فى أرضهم يهدونهم الى طاعتى وينهونهم عن معصيتى وأجعلهم حجة لى عليهم عذرا ونذرا، وأبين النسناس عن ارضى وأطهرها منهم وأنقل الجن المردة العصاة عن بريتى وخيرتى من خلقى وأسكنهم فى الهواء وفى قفار الارض فلا يجاورون خلقى، وأجعل بين الجن وبين نسل خلقى حجابا ومن عصانى من نسل خلقى الذين اصطفيتهم اسكنتهم مسكن العصاة وأوردتهم مواردهم، فقالت الملائكة، { سبحانك لا علم لنآ إلا ما علمتنآ } قال فباعدهم الله عز وجل من العرش مسيرة خمسمائة عام فلاذوا بالعرش وأشاروا بالاصابع فنظر الرب جل جلاله اليهم ونزل الرحمة فوضع لهم البيت المعمور فقال: طوفوا به ودعوا العرش فانه لى رضا فطافوا به وهو البيت الذى يدخله كل يوم سبعون الف ملك لا يعودون اليه ابدا، ووضع الله البيت المعمور توبة لاهل السماء، والكعبة توبة لاهل الرض، فقال الله تعالى:
إني خالق بشرا من صلصال
[الحجر: 28] قال وكان ذلك من الله تعالى تقدمة فى آدم (ع) قبل ان يخلقه واحتجاجا منه عليهم قال فاغترف جل جلاله من الماء العذب الفرات غرفة بيمينه وكلتا يديه يمين فصلصلها فجمدت وقال الله جل جلاله:
" منك أخلق النبيين والمرسلين وعبادى الصالحين والائمة المهديين الدعاة الى الجنة واتباعهم الى يوم القيامة ولا أسأل عما أفعل وهم يسألون، ثم اغترف من الماء المالح الاجاج غرفة فصلصلها فجمدت فقال تعالى: ومنك أخلق الفراعنة والجبابرة واخوان الشياطين والعتاة والدعاة الى النار وأشياعهم الى يوم القيامة ولا أسأل عما أفعل وهم يسألون قال وشرط فى ذلك البداء فيهم ولم يشرط فى أصحاب اليمين ثم خلط المائين جميعا فى كفه فصلصلهما ثم كفأهما قدام عرشه وهما سلالة من طين، ثم أمر ملائكة الجهات الشمال والجنوب والصبا والدبوران يجولوا على هذه السلالة من طين فابرؤها وانشاؤها ثم جزؤها وفصلوها وأجروا فيها الطبائع الاربع المرتين والدم والبلغم فجالت الملائكة عليها وأجروا فيها الطبائع الاربع فالدم من ناحية الصبا، والبلغم من ناحية الشمال، والمرة الصفراء من ناحية الجنوب، والمرة السوداء من ناحية الدبور، واستقلت النسمة وكمل البدن "
ناپیژندل شوی مخ