Tafsir Al-Uthaymeen: Surah Fussilat
تفسير العثيمين: فصلت
خپرندوی
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٧ هـ
د خپرونکي ځای
المملكة العربية السعودية
ژانرونه
لأنَّ اللهَ يَقولُ في سورَةِ الجِنِّ: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ﴾ [الجن: ٦]، قالوا: الآيَةُ الأُخرى: ﴿إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾ [يوسف: ١٠٩]، فيُقالُ: الجِنُّ أيضًا من أَهْلِ القُرى، لكنَّ الأحقَّ بالأرضِ الإنسُ لا شكَّ، ولهذا لو اعتَدى أحدٌ مِنَ الجِنِّ ونزل بَيتَكَ فلك أن تُخرِجَهُ، والدَّليلُ هو أنَّ الرَّسولَ -صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وسلَّم- جَعَلَ الأرضَ لمالكِها: "مَنِ اقتَطَع شِبرًا مِنَ الأرضِ ظُلمًا طَوَّقَه اللهُ بها يَومَ القِيامَةِ من سَبع أَرَضِينَ" (^١).
فأنا أَستطيعُ أن أَحْرُثَ في الأَرْضِ وأَزرَعَ وأَبني وأَعْمَلَ ما شِئتُ ولا مُعارِضَ لي، ولكن: كيف لو جاءوا واعتدوا على بَيتِك وحَفَروا فيه وأصبحت، وإذا السَّطْحُ مَملوءٌ مِنَ الزَّرعِ والمَجالِسُ مملوءةٌ مِنَ النَّخيلِ!
قال اللهُ تعالَى: ﴿وَالْإِنْسِ﴾ هُم هَؤلاءِ البَشَرِ مِن بَني آدَمَ وسُمُّوا إنسًا؛ لأنَّ بَعضَهم يأنسُ ببَعضٍ، ولهذا قيل: إنَّ الإنسانَ مَدنيٌّ بالطَّبْعِ.
وقال تعالى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ﴾ ﴿إِنَّهُمْ﴾، أيِ الَّذين حَقَّ عليهم القَولُ ﴿كَانُوا خَاسِرِينَ﴾ كانوا في عِلمِ اللهِ وليس يَومَ القيامَةِ؛ لأنَّه لو كان كذلك لقال: يَكونون، لكن ﴿كَانُوا﴾ في عِلمِ اللهِ ﷿ وتَقديرُهُ: ﴿خَاسِرِينَ﴾.
فإِنْ قال قائِلٌ: ألا يَجوزُ أن يَكونَ قولُه ﷾: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ﴾ على أنَّه يومُ القيامَةِ من باب قولِهِ تَعالى: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ [النحل: ١]؟
فالجَوابُ: لا، ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ لولا أنَّهُ قال: ﴿فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ لكان على ظاهِرِه.
(^١) أخرجه البخاري: كتاب المظالم، باب إثم من ظلم شيئًا من الأرض، رقم (٢٤٥٢، ٢٤٥٣)، ومسلم: كتاب المساقاة، باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها، رقم (١٦١٠)، من حديث سعيد بن زيد ﵁.
1 / 140