Tafsir Al-Uthaymeen: Surah Fussilat
تفسير العثيمين: فصلت
خپرندوی
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٧ هـ
د خپرونکي ځای
المملكة العربية السعودية
ژانرونه
يَقولُ المفسِّرُ ﵀: ﴿أَرْدَاكُمْ﴾ أي [أَهْلَكَكُمْ].
وقولُه تعالى: ﴿فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ أي: صِرتُمْ مِن الخاسِرينَ، وهُنا (أَصْبَحَ) لو نَظَرنا إلى مجُرَّدِ لَفْظِها لكانت دَالَّةً على الإِصْباحِ، لكنَّها تُستَعْمَلُ في اللُّغة العربيَّة بمعنى الصَّيرورَةِ، تَقولُ: أصبَحَ لا يَعلَمُ شيئًا أي صار لا يَعلَمُ شيئًا، وهُنا أصبحتم مِنَ الخاسِرينَ ليس المَعْنى دَخَلْتم في الصَّباح خاسِرينَ، ولكنَّ المَعْنَى: صِرتُمْ مِن الخاسِرينَ، والخاسِرُ ضِدُّ الرَّابحِ، وإنَّما قال: ﴿مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ لأنَّ هؤلاءِ الَّذين أَنْكَروا البَعثَ خَسِروا الدُّنيا والآخِرَةَ في الواقِعِ، فدُنياهُمْ لم تَنفَعْهم وهُمْ في الآخِرَةِ في النَّار، وهذا غَايةُ الخُسْرانِ.
يَقولُ المفسِّرُ ﵀: [﴿فَإِنْ يَصْبِرُوا﴾ على العَذابِ ﴿فَالنَّارُ مَثْوًى﴾ مأوى ﴿لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا﴾ يَطلُبوا العُتْبَى؛ أَي: الرِّضا ﴿فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ﴾ المَرضِيِّين].
﴿فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ﴾ (الفاءُ) رابطَةٌ لجوابِ الشَّرطِ، (ما) نافِيةٌ تَعمَلُ عَمَلَ (ليس)، واسم (ما): (هم) مَبنيٌّ على السُّكونِ، ﴿مِنَ الْمُعْتَبِينَ﴾ جارٌّ ومجَرورٌ مُتعلِّقٌ بالمَحذوفِ خبرُ (ما).
وهنا تَتَّفقُ اللُّغتانِ الحِجازِيَّةُ والتَّميمِيَّةُ من حيثُ اللَّفظِ، وتختلفان من حيثُ الإعرابُ، أمَّا في قولِه تعالى: ﴿مَا هَذَا بَشَرًا﴾ [يوسف: ٣١] فلا تَتَّفِقُ اللُّغتانِ، فلُغةُ تميمٍ أن يُقالَ: (ما هذا بَشَرٌ)، لأنَّ (ما) مُهمَلَةٌ عند التَّميميِّينَ، وعامِلَةٌ عَمَلَ (ليس) عند الحِجازيِّينَ، فتَقولُ مَثلًا: (ما زَيدٌ قائمًا)، وإذا كُنْتَ خاطبت إنسانًا وقلت: (ما زَيْدٌ قائمًا) عرفنا أنَّك حِجازِيٌّ، وإذا خاطبت إنسانًا وقلت: (ما زَيْدٌ قائمٌ) عرفنا أنَّكَ تمَيميٌّ؛ ولهذا قال الشَّاعِرُ (^١):
(^١) غير منسوب، وانظر: نفح الطيب للمقري التلمساني (٥/ ٢٢٧).
1 / 126