الآية (١٢)
* * *
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [فاطر: ١٢].
* * *
﴿وَمَا﴾ نافية، و﴿يَسْتَوِي﴾ بمَعْنى يتساوى ويَتماثَلُ ﴿الْبَحْرَانِ﴾ وهذا مُجمَلٌ، والبَحْرُ هو الماء الكثير، فكلُّ ماءٍ كثيرٍ يُسَمَّى بَحْرًا، البحران هنا مُجْمَل، فَسَّرَه ﷿ بِقَوْله تعالى: ﴿هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ﴾ العَذْبُ هنا بمَعْنى الحُلْو المُسْتَساغُ شُرْبُه، وفُراتٌ يقول المُفَسِّر ﵀ في تَفْسيره [شديدُ العُذوبَة].
﴿سَائِغٌ شَرَابُهُ﴾ أي: شُرْبُه، سائِغٌ؛ بمَعْنى: سَهْلٌ ومُيَسَّر؛ لأنَّه حُلو عَذْب، وليس فيه ما يُكَدِّره من وساخَة أو حَرارةٍ زائِدَة أو بُرودةٍ زائِدَة، المُهِمُّ أنَّه عَذْبٌ فراتٌ سائغٌ شرابُهُ.
والثاني [﴿وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ﴾ شديدُ المُلوحَةِ] مِلْحٌ شديدُ المُلوحَةِ، هل يستويان؟ لا، وهل هذا يُرادُ به الحَقيقَةُ أو هو مَثَلٌ ضَرَبَه الله تعالى للمُؤْمِن والكافِرِ؟
قيل: إنَّه يُرادُ به الحَقيقَةُ بدليلِ قَوْله تعالى: ﴿وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا﴾ وقيل: إنَّ المُرَادَ به مَثَلٌ ضَرَبه الله تعالى للمُؤْمِن والكافِرِ، فالمُؤْمِنُ بِمَنْزِلَة العَذْب الفُراتِ، والكافِرُ بِمَنْزِلَة المِلْحِ الأُجاج، ولكن لدينا قاعِدَةٌ في الكَلَام أنَّه إذا دارَ