140

Tafsir Al-'Uthaymeen: Faatir

تفسير العثيمين: فاطر

خپرندوی

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

شمېره چاپونه

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٦ هـ

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

لا بالمَعْنى المُطابِقِ للَّفْظ؛ لأنَّ المَعْنى المطابِقَ للَّفْظِ في ﴿تَزِرُ﴾ أي: تَأْثَم؛ إذ إنَّ الوِزْر هو الإِثْم، ولكن تقدَّم كثيرًا أن تَفْسيرَ القُرْآن قد يُرادُ به التَّفْسيرُ المُطابِقُ للَّفْظِ، وقد يُرادُ به التَّفْسيرُ بالمَعْنى المُرَادُ لا المُطابِق للَّفْظ؛ أي: [لا تَحْمِلُ وِزْر نَفْسٍ أخرى].
أفادنا أيضًا بِقَوْله: [﴿وَازِرَةٌ﴾ نَفْسٍ] أنَّ ﴿وِزْرَ﴾ صِفَةٌ لمِوْصوفٍ مَحْذُوفٍ تَقْديره: (نَفْس)؛ أي إنَّ زيدًا لا يَحْمِلُ إثْمَ عَمْرو، وهندًا لا تَحْمِلُ وِزْر فاطمة مثلًا، فكلٌّ يَحْمِل وِزْرَه، قال الله تعالى مُبَيِّنًا ذلك في جُمْلَة تُعْتَبَرُ قاعِدَة: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾ [المدثر: ٣٨] ﴿كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾ [الطور: ٢١].
وأمَّا من لم يَكْسِبْ شيئًا فليس عليه مِنْ إِثْمِ الآخَرِ شَيْءٌ، ولا يعارِضُ هذا قَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ: "مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ" (^١)؛ لأنَّ سَنَّه إيَّاها يُعْتَبَر وِزْرًا؛ لأنَّه هو الذي شَقَّ الطَّريقَ لها، ومَهَّدَ السُّبُل؛ فلهذا كان عليه وِزْرُها وَوِزْرُ مَن عَمِلَ بها إلى يَوْمِ القِيامَة، فالآيَةُ هنا لا تُنافي الحديث.
قال: ﴿وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ﴾.
[﴿وَإِنْ تَدْعُ﴾ نَفْسٌ ﴿مُثْقَلَةٌ﴾ بالوِزْرِ ﴿إِلَى حِمْلِهَا﴾ منه أَحَدًا لِيَحْمِل بَعْضَه ﴿لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ﴾].
﴿وَإِنْ تَدْعُ﴾ أي: تَطْلُب ﴿مُثْقَلَةٌ﴾ بالأَوْزارِ ﴿إِلَى حِمْلِهَا﴾ لِيُحْمَل عنها بَعْضُه ﴿لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ﴾ وجُمْلَةُ ﴿لَا يُحْمَلْ﴾ جوابُ الشَّرْطِ، والشَّرْطُ قَوْله تعالى: ﴿وَإِنْ تَدْعُ﴾ وهو مَجْزومٌ بِحَذْفِ الواو، والضَّمَّةُ قَبْلَه دليلٌ عليه و﴿لَا يُحْمَلْ﴾ هذا هو

(^١) أخرجه مسلم: كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة، رقم (١٠١٧)، من حديث جرير بن عبد الله البجلي ﵁.

1 / 144