يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾، وَقَوْله تعالى: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا﴾ مثل قَوْله تعالى: ﴿كُلٌ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ فهذه خمسة مواضِعَ كُلُّها تدُلُّ على أنَّ هذه الأفعال تَقَعُ من الشَّمْس.
لو كان هذا يأتي بِدَوَرانِ الأَرْضِ لقال: (وترى الشَّمْسَ إذا طَلَعوا عليها)؛ لأنَّه إذا دارَتِ الأَرْضُ، فنحن الذين نَطْلُع على الشَّمْس، وليست الشَّمْس هي التي تَطْلُع علينا.
وأمَّا قَوْلهم: إنَّ هذا خِطابٌ إلى النَّاس بما يُشاهِدونَه بِأَعْيُنِهم والأمر على خلافه، يعني: إذا طَلَعَتْ حَسَبَ رُؤْيَةِ العَيْنِ، وفي الواقِع أنَّنا نحن الذين نَطْلُع عليها فبماذا نُجيبُهُم؟
نقول: هذا خِلافُ ظاهِرِ اللَّفْظِ، ولا يُمْكِن أن نَحيدَ عن هذا الظَّاهِرِ إلا بِدَليلٍ مَحْسوسٍ يُمْكِننا أن نَحْتَجَّ به أمامَ الله ﷿؛ لأنَّ الله سَيُحاسِبُنا يقول: لماذا عَدَلْتُم عن كَلَامي إلى كَلَامِ غَيْري؟ والخطابُ من الله ﷾.
قال تعالى: ﴿إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِم﴾ [الكهف: ١٧] تَزاوَرُ؛ أي: تمَيلُ، ولو كان ذلك بدورانِ الأَرْضِ لكانت الأَرْضُ هي التي تميلُ ﴿وَإِذَا غَرَبَتْ﴾ لو كان هذا بِدَوَرانِ الأَرْض لكانَتِ الأَرْض هي التي تَغْرُب عن الشَّمْس.
أمَّا في السُّنَّة فقد قال النَّبِيُّ ﷺ لأبي ذَرٍّ حين غَرَبَتِ الشَّمْس: "أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ؟ " (^١)، فأَسْنَدَ الذَّهابَ إليها عندما غَرَبَتْ، ولو كانت الأَرْضُ هي التي دارت حتى اخْتَفَتِ الشَّمْسُ لكان يقول: أتدري أين تَذْهَبُ الأَرْض مثلًا.