144

Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf

تفسير العثيمين: الزخرف

خپرندوی

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٦ هـ

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

تَعَامَى عَنْ ذِكْرِ الرَّحمَنِ فِي قَلبِهِ واستِحْضَارِهِ لعظَمَةِ رَبِّه وجلَالِهِ، فإِنَّه يُقيِّضُ لَهُ الشَّيطانَ، فيَكُونُ هَذَا جَزاءً عَلَى إعرَاضِهِ وتَعَامِيهِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ، وهَذَا كقَوْلِهِ تعَالى: ﴿وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾ [الجن: ١٧].
فالصَّوابُ أن المُرادَ بذِكْرِ الرَّحمَنِ لَيسَ القُرآنَ، بَلِ المُرادُ بذِكْرِ الرَّحمَنِ ذِكْرُ اللهِ نفسِهِ. يَعْنِي: يَغْفُلُ قَلبُهُ عَنْ ذِكْرِ اللهِ، ولَا يَذكُرُ اللهَ بقَلْبِهِ، فهَذَا هُوَ الَّذِي يُقيَّض لَهُ الشَّيطانُ فيَتَّبعُ هَوَاهُ، كَمَا قَال ﷿: ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾.
فإنْ قَال قَائِلٌ: قَولُهُ: ﴿وَمَنْ يَعْشُ﴾ هَلْ هَذَا يَكُونُ بالتَّقصِير فِي أُمُورِ الطَّاعاتِ أَو انتِهَاكِ المُحرَّماتِ؟
فالجَوابُ: لَا، الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى مَسأَلةٍ قَلبيَّةٍ ﴿وَمَنْ يَعْشُ﴾ يَتَعَامَى. فإِذَا صَلَحَ القَلْبُ صَلَحَتِ الجَوارِحُ.
وقَولُهُ: ﴿نُقَيِّضْ لَهُ شَيطَانًا﴾ قَال ﵀: [نُسبِّبُ لَهُ] وهَذَا قَرِيبٌ مِنَ المعْنَى المُطابِقِ، وإلَّا فإِنَّ مَعْنَى ﴿نُقَيِّضْ﴾ أَي: نُهيِّئ لَهُ شَيطَانًا يَحُلُّ محَلَّ ذِكْرِ اللهِ ﷾ فيَستَوْلِي الشَّيطانُ عَلَى قَلْبِهِ، والشَّيطانُ يَأمُرُ بالفَحْشَاءِ والمُنْكَرِ، كَمَا قَال ﷾: ﴿الشَّيطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٦٨].
﴿نُقَيِّضْ لَهُ شَيطَانًا﴾: ﴿فَهُوَ﴾ أيِ: الشَّيطانَ ﴿لَهُ﴾ أيِ: للعَاشِي عَنْ ذِكْرِ اللهِ ﴿قَرِينٌ﴾ قَال ﵀: [لَا يُفارِقُه]، نَعُوذُ باللهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ.
ووجْهُ ذَلِكَ: أن الإنسَانَ فعَّالٌ مُريدٌ مُتحرِّكٌ قلبًا وقالبًا، فلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَشتَغِلَ

1 / 148