258

Tafsir al-Uthaymeen: An-Naml

تفسير العثيمين: النمل

خپرندوی

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

وآثارِها، فيقتضي العلم والفهم، ومناسبته منَ الآيَةِ الَّتِي سُقناها من آيَة النِّسَاءِ واضحةٌ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (١٠٥) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النِّسَاء: ١٠٥ - ١٠٦]، فتعقيب الحكمِ بين النَّاس بالاستغفارِ دليلٌ عَلَى أن الاستغفارَ من أدوات الحكم بالحق، وَكَانَ رسول الله ﷺ يُكْثِر الاستغفارَ حَتَّى إنَّهُ لَيَسْتَغْفِرُ الله ويتوب إليه فِي اليوم أكثرَ من سبعينَ مرَّةً (^١)، ويُحفَظ له فِي المجلسِ الواحدِ أكثر من مائةِ مرةٍ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْه؛ لِأَنَّهُ ﵊ قد غفرَ اللهُ له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر (^٢) فكانت أَسْباب المغفرة فِي حقِّه أكثر من غيره.
ومن أَسْباب المغفرة أن يستغفرَ بلسانه، وَهُوَ ﵊ يعلم أن الأَشْيَاء بأَسْبابها، عَلِمَ أن اللهَ غفر له ما تقدمَ من ذنبه وما تأخَّر، فجعل يُكْثِر من أَسْباب المغفرةِ بالاستغفارِ بلسانِه، وكذلك أيضًا بفعل أَسْبابِ المغفرةِ بأفعالِه، وهَكَذَا ينبغي للإِنْسَانِ إذا منّ اللهُ عليه بشيءٍ أن يحقِّق ذلك الشَّيْء بفعلِ الأَسْبَاب ولا يتَّكل.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: إثبات الحِكْمَة لله تَعَالَى؛ لِقَوْلِهِ: ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ فالرَّحْمَة لها سبب، وكون الله ﵎ يَقْرِنُ أفعالَه بأَسْبابها يَدُلّ عَلَى كمالِ الحِكْمَةِ؛ لِأَنَّ من يفعل أفعالًا عَنْجَهِيَّة لَيْسَ لها أَسْباب فهَذَا سفيه، لكِن عليه أن يربط الأفعال بأَسْبابها.
* * *

(^١) رواه البخاري، كتاب الدعوات، باب استغفار النَّبِيّ ﷺ في اليوم والليلة، حديث رقم (٥٩٤٨)، عن أبي هريرة ﵁.
(^٢) انظر: صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب قول النَّبِيّ ﷺ: "أنا أعلمكم بالله"، حديث رقم (٢٠)؛ صحيح مسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنَّار، باب إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة، حديث رقم (٢٨٢٠)، عن عائشة ﵂.

1 / 262