149

Tafsir al-Uthaymeen: An-Naml

تفسير العثيمين: النمل

خپرندوی

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

الفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: أن سبيلَ اللهِ ﷾ واحدٌ؛ لِقَوْلِهِ: ﴿فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ﴾ [النمل: ٢٤]، وسُبُل الشرعِ مُتَعَدِّدَةٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: ١٥٣]، ولهَذَا قَالَ العُلَماءُ: الإِسْلامُ مِلَّة والكفرُ مِلَل، الكفر: يهودية، نَصرانيَّة، وَثَنِيَّة، مَجُوسِيَّة ... إِلَى آخِرِهِ، مِلَل لِأَنَّهَا سُبُل مُتَعَدِّدة، وَأَمَّا الْحَقّ فسَبِيلُه واحدٌ. فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: كيفَ تقولونَ ذلكَ وقد قَالَ الله تَعَالَى: ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ﴾ [المائدة: ١٦]، فكيف الجمع؟ قُلْنَا: إذا قَيَّدْتَ فهي عَلَى حسَب ما قيّدت به، يعني يصحّ أن تقول: (سُبُل الخير)، وَيكُون المُراد بذلك الفروع الموصلة إِلَى الخير، فالإِسْلام كما أَنَّهُ كله سبيلٌ واحدةٌ فَهُوَ كذلك -أيضًا- ذو شُعَب، وقد ثبتَ عن النَّبِيّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً" (^١)، فَهُوَ ذو شُعَب، فهَذَا معنى قوله: ﴿سُبُلَ السَّلَامِ﴾ [المائدة: ١٦]. ثُمَّ إنَّهُ مما يُزيل الإشكالَ أَنَّهَا أُضيفت إِلَى السلامِ، ولم يقل: (السبل)، فعُلِمَ أن المُرادَ بذلك فُروعُ الخيرِ. الفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: إذا زُيِّنَ للإِنْسَانِ سُوءُ عَمَلِه فصدَّ بذلك عنِ السبيلِ -والعياذ بالله ﷾ فَإِنَّهُ لا يَهتدِي؛ لِقَوْلِهِ: ﴿فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ﴾ [النمل: ٢٤]. وهَذَا هُوَ البلاءُ أنَّ الْإِنْسَان يرى القبيحَ حَسَنًا، فهَذَا لا يكادُ يُقْلِع، لكِن مَن كَانَ يرى القبيحَ قَبيحًا فَإِنَّهُ يمكنه أن يُقْلِع، ولذلك تجدون الْآنَ مثلَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتعاملون بالحِيَل: الحيل الربويَّة وغير الربويَّة ومن المحرَّمات، لا يكادون يُقْلِعُونَ

(^١) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب أمور الإيمان ...، حديث رقم (٩)؛ مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان وفضلها وأدناها ...، حديث رقم (٣٥)، عن أبي هريرة ﵁.

1 / 153