Tafsir al-Uthaymeen: An-Naml
تفسير العثيمين: النمل
خپرندوی
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
د خپرونکي ځای
المملكة العربية السعودية
ژانرونه
قَالَ: ﴿أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ﴾ والكلمة شديدةٌ، قَالَ المُفَسِّر ﵀: [أيِ اطَّلَعْتُ عَلَى ما لم تَطَّلِعْ عليه]، ﴿وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (٢٢) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ﴾ [النمل: ٢٢ - ٢٣]، إِلَى أن قَالَ: ﴿قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ [النمل: ٢٧]، سُلَيْمَان قَبِلَ بعض الشَّيْء، والهدهد أَكَّدَ الخبرَ: ﴿وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ﴾ ومعَ ذلك قَالَ: ﴿سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ هَذِهِ أيضًا صَدْمَةٌ عَلَى الهدهدِ؛ لِأَنَّ الهدهدَ كَانَ مُتَتقِّنًا ومعَ ذلك قيلَ له: ﴿سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾.
لماذا قَالَ سُلَيْمَان هَذَا مَعَ أَنَّهُ يقولُ له: ﴿وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ﴾؟
لأن حقيقة الأَمْر أن كلامَ الهدهدِ فِي مَقامِ الدفاعِ عن نفسِه؛ لِأَنَّهُ مُتَوَعَّدٌ بالعذابِ الشَّديدِ أو بالذبحِ أو بخبر، أي: بسلطانٍ مبينٍ، فَهُوَ لمَّا كَانَ فِي مقامِ الدفاعِ احتاجَ أنْ يَتَثَّبت هَذَا بِبَيِّنَةٍ، وقد وقعَ مثلُ ذلك لعمرَ بنِ الخطَّابِ ﵁، استأذنَ عليه أبو موسى ثلاثَ مرَّاتٍ ثُمَّ انصرفَ، فلما عاتَبَهُ فِي ذلك قَالَ: "هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ" (^١)، قَالَ: لَتَأْتِيَنِّي بِبَيِّنَةٍ عَلَى ما تقولُ، مَعَ أنَّ أبا مُوسَى صَحَابِيٌّ ثِقَةٌ لا يمكن أن يَتَقَوَّلَ عَلَى الرَّسُول ﵊، لكِن المَقام يَقتضي زيادةَ التثَبُّتِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَان قد يَفْهَم منَ النصِّ ما لَيْسَ مرادًا، فلذلك طَلَبَ عمرُ من أبي موسى أنْ يأتيَ بشاهِدٍ.
هنا سُلَيْمَان ﵊ مَعَ أن هَذَا الهدهدَ قد يَقَّنَ له الخبرَ يقولُ: ﴿سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ ثُمَّ أعطاهُ آيَةً وقَرينةً: ﴿اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا
(^١) رواه البخاري، كتاب البيوع، باب الخروج في التجارة، حديث رقم (١٩٥٦)؛ ومسلم، كتاب الآداب، باب الاستئذان، حديث رقم (٢١٥٣).
1 / 146