129

Tafsir al-Uthaymeen: An-Naml

تفسير العثيمين: النمل

خپرندوی

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

الصدقةُ، عَلَى هَذَا التَّقْدير يَكُون قوله: ﴿تَرْضَاهُ﴾ صفةً مُقَيِّدةً. فأيُّ الأَمْرينِ يَحْسُنُ بنا أنْ نَسْلُكَ فِي هَذَا وغيرِه، فيما إذا جاءت صفة، هل الأَولى أن نجعلَ الصِّفةَ مبيِّنة، يعني مفسِّرة فقط، أو أن نجعلها مقيِّدة؟ الأَولى أن تكون مقيِّدةً، لِأَنَّ بالتقييدِ زيادةَ معنًى، والتفسير ما يعدو شيئًا خارجًا عمَّا سبق، فكلُّ صفةٍ تأتي فِي كلام نحو هَذَا فالأَصْل أن تكون مقيِّدة، ولا يمكنُ أن نلجأَ إِلَى كونها مفسِّرة لمجرَّدِ بَيَان الأَمْرِ إِلَّا عندَ الضَّرورَةِ، وإذا تَعَذَّر أن تكون مُقَيِّدة، قَالَ تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ٢١]، ﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ هَذِهِ مبيِّنة ومفسِّرة وليستْ مقيّدةً. من فوائد الآية الكريمة: الفَائِدَة الْأُوْلَى: جوازُ التبسُّمِ عندَ وجودِ سببِه وجواز الضحِك أيضًا؛ لِقَوْلِهِ: ﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا﴾، وهَذَا من فِعل نبيٍّ، وفِعْلُ الأنْبِياء حُجَّة، حَتَّى وإن كَانَ غير نبينا ﷺ، إِلَّا ما وَرَدَ شَرْعُنا بِنَسْخِهِ، فهَذَا لا يُعْتبَر، والدَّلِيل عَلَى أَنَّ فعل الأَنْبِياء حُجَّة قوله تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: ٩٠]، وقوله: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [يوسف: ١١١]. الفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: ما كَانَ عليه سُلَيْمَان ﵊ منَ التواضُعِ لله تَعَالَى، حَيْثُ لم يَأْخُذْهُ الغرورُ بهَذَا المُلْكِ العظيمِ، حَتَّى قَالَ: ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ﴾. الفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: وفيه دليلٌ عَلَى الاعترافِ بنعمةِ اللهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الِافتخارِ؛ لِأَنَّ سُلَيْمَان ذَكَرَ نعمةَ اللهِ عليه، لَكِنَّهُ لا يَقصد بذلك الافتخارَ والعلوَّ عَلَى غيره، وقد قَالَ الله تَعَالَى للرَّسُولِ ﷺ: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: ١١]، لكِن لا عَلَى سبيلِ الافتخارِ والعلوِّ؛ لِأَنَّهَا حينئذٍ تَنْقَلِب إِلَى نِقمةٍ.

1 / 133