115

Tafsir al-Uthaymeen: An-Naml

تفسير العثيمين: النمل

خپرندوی

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

المُراد بالكسر هنا الإهلاكُ عَلَى سبيل التحطيمِ، فالنَّمْلةُ إذا وَطئتها تَقَطَّعَتْ وتَمزَّقَتْ هَذَا هُوَ التكسُّر، وَلَيْسَ المَعْنى أن رِجلها تَنكسِر وتبقى معلَّقة بها، والجملة هَذِهِ كالتعليلِ للأمرِ فِي قولها: ﴿ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ﴾، يعني كَأنَّ قائلًا يَقُول: لماذا؟ ﴿لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ﴾، فالجملةُ تعليلٌ وتحذيرٌ، وهَذَا مِن بَلاغَتِها أيضًا، ما قالت: ﴿ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ﴾ فقط، ولكِن عَيَّنَتِ المُحَذَّرَ منه وَهُوَ ﴿لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ﴾ ثُمَّ أتتْ بهَذِهِ الجملةِ الشديدةِ الوَقْعِ، لم تَقُلْ: لا يَطَأَنَّكُمْ، قالت: ﴿لَا يَحْطِمَنَّكُمْ﴾، فأيّهما أشدّ وقعًا؟ الأخيرةُ أشدُّ؛ لِأَنَّ الوطءَ قد يَلْزَمُ منه الكسرُ والإفلاتُ وقد لا يَلزَمُ، ثُمَّ الوطءُ هادئٌ بالنِّسْبَةِ لكلمةِ التحطيمِ. وأيضًا قوله: ﴿لَا يَحْطِمَنَّكُمْ﴾ أشدّ فِي الحَذَرِ وأبلغُ ممَّا لو قَالَ: (لَيُهْلِكَنَّكُمْ)، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ﴾ [الهمزة: ٥]، فالتحطيمُ أبلغُ. وهل المقام يَقتضي أن تأتي بالعبارةِ الغليظةِ؟ نعم، لِأَنَّ المقامَ مَقامُ تحذيرٍ وسرعة، فإذا لم تفعل النملات هَذَا بسرعةٍ فإنها ستتحطم. وهنا قالت: ﴿لَا يَحْطِمَنَّكُمْ﴾ وقالت: ﴿ادْخُلُوا﴾، والتعبير بـ ﴿ادْخُلُوا﴾ و﴿لَا يَحْطِمَنَّكُمْ﴾ بالميم هَذَا لا يَكُون إِلَّا للعاقلِ؛ لِأَنَّ الميم هَذِهِ لجماعة العقلاء، والواو أيضًا لجماعة العقلاء؛ لِأَنَّ غير العاقل يؤنَّث: ادخلنَ مساكنكنَّ، ولا يحطمنكنّ، ولَكِنَّهَا قالت: ﴿ادْخُلُوا﴾ و﴿لَا يَحْطِمَنَّكُمْ﴾ تنزيلًا لهنَّ مَنْزِلَةَ العاقلِ، فخُوطِبُوا خِطابَ العقلاءِ، ولهَذَا قَالَ المُفَسِّر ﵀: [نزَّلَ النملَ مَنْزِلَةَ العقلاءِ فِي الخطابِ بِخِطَابِهِم].

1 / 119