Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ankabut
تفسير العثيمين: العنكبوت
خپرندوی
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٦ هـ
د خپرونکي ځای
المملكة العربية السعودية
ژانرونه
ولا مَن في السماءِ مُعجِزٌ اللَّه، على حَدِّ قولِ الشَّاعرِ حسَّانَ بنِ ثاب ﵁ (^١):
أَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّه مِنْكُمْ ... ويَمْدَحُهُ ويَنْصُرَهُ سَوَاءُ
فأظنُّ أننا نَعرِفُ جميعًا أن الأوَّلَ غيرُ الثاني؛ لأن الذي يَهجُوه لا يمْكِنُ أن يمْدَحه وينْصُرَهُ، فيكون على تقديرِ: ومن يَمْدحُهُ وينْصُرُهُ سواء، فهذه مثلها.
والذي يظهر لي أن المعنى: أنَّكُم لا تُعجِزُونَ اللَّه في أي مكانٍ كُنتم، سواء كُنتم في السماءِ أو في الأرضِ؛ لكن وقتَ نُزولِ القُرآن لا يُمكِنُ أن يُرادَ بالسماءِ حقيقةٌ، إلا أن يُرادَ بالسماءِ ما عَلا ولو على قِمَمِ الجبالِ، لكن في وَقْتِنَا الآن يمكن أن يكونَ الإنسانُ في السماءِ، أي: في العُلُوِّ، وليس المرادُ السماءَ الدنيا؛ لأن السماءَ الدُّنْيا لا يصلُ إليها أحَدٌ، قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ﴾ [الأنبياء: ٣٢] حتى النَّبِيُّ ﵊ وجبريلُ ﵇ ما استَطاعَا أن يَدْخلا السماءَ الدُّنْيا إلَّا بعد الاستفتاحِ والاستِئْذَانِ (^٢).
قال المُفَسِّر في تَفْسيرِهَا الإجمالي: [أي: لَا تَفُوتُونَهُ]: أي: لا تَفوتُونَ اللَّه، بل إذا شاءَ أن يُعذَّبِكَمُ أدْركَكُم فإن اللَّه تعالى لا يَفوتُه شيءٌ، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا﴾ [فاطر: ٤٤].
واعلم أن عُقوبَة اللَّه ﷿ وإدراكَه للإنسانِ تارَّةً يكونُ بأمورٍ حِسِّيَّةٍ، فيُقَدِّرُ
(^١) في ديوانه (ص: ٩). (^٢) أخرجه البخاري: كتاب المناقب، باب المعراج، رقم (٣٨٨٧)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول اللَّه ﷺ، رقم (١٦٤)، وهو حديث المعراج وفيه "فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفَتَحَ".
1 / 95