من التكَلُّفِ المعروفِ، لكن لا بُدَّ أن نُعرب هذا الإعراب حسب القواعدِ المعروفةِ في النحوِ، فالياء في قوله: ﴿بِمُعْجِزِينَ﴾ جَلَبَتَهَا الباءُ وليس الخبر، وهي نَفْسُها علامةُ النَّصْبِ.
وقوله: ﴿وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ (معجزين) من (أعْجَزَ) فهو متَعَدٍّ؛ لأن عجَزَ لازم، وأعْجَزَ متعدٍ، وإذا كانت متَعَدِّيَةٌ وهي اسمُ فاعلٍ فتحتاجُ إلى مفعولٍ، فأين المفعول؟
قَال المُفَسِّر ﵀: [﴿بِمُعْجِزِينَ﴾ رَبّكُم عنْ إدْراكِكِمْ]: فيكون المفعولُ محْذوفًا تقديرُهُ: بمُعجِزينَ ربَّكُم، أو بمعجزين اللَّه، فلا مانِعَ، والمُعجِزُ هو من فعل ما يُعْجِزُ به غيرَهُ، ولهذا قال بعضُ أهلِ العِلم عن آيات الرُّسُلِ: إنها معْجِزاتٌ؛ لأنها تُعجِزُ أعداءَ الرُّسلِ عن معارَضَتِهَا.
قوله: ﴿فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾، هذا الجارُّ والمجرورُ حالٌ مِن مُعجِزينَ، يعني: حال كونِكُمْ في الأرض أو في السماءِ، فلا تُعجِزونَ اللَّه سواء كنتم في الأرضِ أو في السماء، ولهذا قال المُفَسِّر ﵀: [لَوْ كُنْتُم فِيها]، فيكون قوله: ﴿وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ على سَبيلِ التَّقديرِ وليس على سبيلِ الحَقيقَةِ؛ لأن الناسَ في الأرضِ وليسُوا في السماءِ.
وقيل: إن المعنى على سبيلِ المبالَغَةِ، يعني: لا تُعْجزونَ اللَّه سواءٌ كُنتم في أعماقِ الأرض أو في أجواءِ السماءِ، فيكون المعنى: لا تُعجزونُه في أيَّ مكانٍ كُنتم.
وقيل: إن قوله ﵀: ﴿وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ يعني به أهلَ السماءِ، يعني: أن اللَّه ﷿ لا يُعجزُه شيء في السمواتِ ولا في الأرضِ، فأهلُ السماء لا يُعْجِزُونَهُ وأهل الأرضِ لا يُعجزونه، فيكون المعنى على هذا الوجه: وما أنْتُمْ بمُعْجزينَ في الأرض،