144

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab

تفسير العثيمين: الأحزاب

خپرندوی

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٦ هـ

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

ولكن الذي يُناسِب القُرآن الأوَّلُ: نظَر، كما قال تعالى في سُورة القِتال: ﴿مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ [محمد: ٢٠]. وربما نَقول: يَنظُرون إليك تَدُور أعيُنُهم كالذي يُغْشَى عليه من المَوْت، ليس عائِدًا على النظَر، وإنما هو عائِد على حالهم، يَعنِي: كالإنسان المَغشِيِّ عليه من الموت؛ لا يَستَطيعون أن يَتكلَّموا؛ لأن أَرياقهم يَبِسَت، ودِماؤهم غارَت بسَبَب الخوف، فإذا جاء الخوف فإنها تَتَغَيَّر أبصارُهم وتَتغيَّر أحوالُهم أيضًا ﴿كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ والذي يُغشَى عليه من الموت لا شَكَّ أنه يَصفَرُّ وجههُ، ولا يَستَطيع أن يَنطِق في الغالِب ﴿كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾. قوله ﷾: ﴿فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ﴾ قال المُفَسِّر ﵀: [مِن سَكَراته] أي: سَكَراته يُغشَى عليه ﴿مِنَ الْمَوْتِ﴾: (من) هنا للسبَبية وهل تَأتي (مِن) للسَّبَبية؟ الجَوابُ: نعَم، تَأتِي في مَواضِعَ كثيرةٍ، والأصل فيها أنها للابتِداء، حتى زعَم بعضُ النَّحوِيِّين أنها في كل مَكان تَكون للابتِداءِ، حتى فيما إذا كانت سبَبيَّةً قال: لأنها ابتِداء السبَب. لكن الصحيحَ ما ذهَب إليه ابنُ مالِك ﵀ -وغيرُه من النَّحويِّين أنها تَأتي لمَعانٍ كثيرةٍ- قال ﵀: بَعِّضْ وَبَيِّنْ وَابْتَدِئْ فِي الْأَمْكِنَه ... بِمِنْ وقدْ تَأْتِي لِبَدْأ الْأَزْمِنَه وَزِيدَ فِي نفْيٍ وشِبْهِهِ فَجُرّ ... نَكِرَةً كَمَا لِبَاغٍ مِنْ مَفَرّ (^١) قال ﵀: [﴿فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ﴾ وحِيزت الغَنائِمُ ﴿سَلَقُوكُمْ﴾ آذَوْكم أو ضَرَبوكم ﴿بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ﴾ أي: الغَنيمة يَطلُبونها ﴿أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا﴾

(^١) الألفية (ص: ٣٥).

1 / 149