ليس ذاتًا تَأتي لكنه مَعنًى يَأتي، والمَجِيء يَكون للمَعاني ويَكون للذَّوات، فتَقول: جاءَهُ المرَض. وتَقول: جاء زيدٌ.
والمَجيء هنا أُسْنِد إلى مَعنَى ﴿جَاءَ الْخَوْفُ﴾ فهُوَ عامٌّ، فإذا جاء الخَوْف سواءٌ جاء من الأَعْداء الذين حضَروا إلى المدينة، أو الخوف من الرسول ﵊ حين يَطَّلِع على أَحْوالهم، فيَخافُون منه، من أن يَفضَحَهم اللَّه ﷾ بأفعالهم أو يُسَلِّط عليهم رسولَهُ ﷺ.
وقوله ﷾: ﴿رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ﴾ الخِطاب هنا هل هو للرسول ﷺ أو لكُلِّ مَن يَتَوجَّه إليه الخِطاب؟
الجَوابُ: يُحْتَمَل أن يَكون للرسول ﵊، وهو الأَقْربُ ويُحْتَمَل أن يَكون لكلِّ مَن يُوَجَّه إليه الخِطاب.
وقوله ﷾: ﴿رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ﴾ الرُّؤْية هنا بصريةٌ، وعلى هذا فلا تَنصِب إلَّا مَفعولًا واحِدًا وهو الهاء، وتَكون كلِمةُ ﴿يَنْظُرُونَ﴾ حالًا من الهاء: رأيتَهُم حالَ كَوْنهم يَنظُرون إليك.
وقوله ﷾: ﴿تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ﴾؛ لأن الخائِف غالِبًا يُرَكِّز على جِهةِ الخَوْف، سواءٌ كان شَخْصًا أو أشخاصًا، وتَدور عينُه على غير نظَرٍ سليم، يَعنِي: كأنَّها تَدُور بغير اختِيارهم من شِدَّة الخَوْف.
ثُم شبَّهَ حالهم بعد أن شَبَّه أبصارَهم قال ﷾: ﴿كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ قال المُفَسِّر ﵀: [كنَظَر أو كدَوَران]، فإن كانت ﴿كَالَّذِي﴾ عائِدة على ﴿يَنْظُرُونَ﴾ قدَّرنا: النظَر، وإن كانت عائِدة على ﴿تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ﴾ قدَّرنا: كدَوَران،