155

د عقل سلیم لارښوونه

تفسير أبي السعود

خپرندوی

دار إحياء التراث العربي

د خپرونکي ځای

بيروت

ژانرونه

تفسیر
على إذِ ابتلى على أن العامل فيه هو العاملُ فيه أو مضمرٌ مستقل معطوف على المضمر الأول والجعلُ إما بمعنى التصييرِ فقوله ﷿ ﴿مَثَابَةً﴾ أي مرجعًا يثوب إليه الزوار بعد ما تفرقوا عنه أو أمثالُهم أو موضِعَ ثوابٍ يثابون بحجِّه واعتمارِه مفعولُه الثاني وإما بمعنى الإبداع فهو حال من مفعول واللام في قوله تعالى ﴿لِلنَّاسِ﴾ متعلقةٌ بمحذوف وقعَ صفة لمثابة أي كائنة للناس أو بجعلنا أي جعلناه لأجل الناس وقرئ مثابات باعتبار تعدد الثائبين ﴿وَأَمْنًا﴾ أي آمِنا كما في قوله تعالى حَرَمًا آمنا على إيقاع المصدرِ موقعَ اسمِ الفاعلِ للمبالغة أو على تقدير المضافِ أي ذا أمنِ أو على الإسنادِ المجازي أي آمِنا من حجه من عذابِ الآخرةِ من حيث أن الحجَّ يجُبُّ ما قبله أو مَنْ دخله من التعرُّض له بالعقوبة وإن كان جانيًا حتى يخرجَ على ما هو رأى أبي حنفية ويجوز أن يُعتبر الأمنُ بالقياس إلى كل شئ كائنًا ما كان ويدخل فيه أمنُ الناس دخولًا أوليًا وقد اعتيدَ فيه أمنُ الصيد حتى إن الكلبَ كان يهُمُّ بالصيد خارجَ الحرم فيفِرُّ منه وهو يتبعه فإذا دخل الصيد الحرمَ لم يتبعْه الكلبُ ﴿واتخذوا مِن مَّقَامِ إبراهيم مُصَلًّى﴾ على إرادةِ قولٍ هو عطفٌ على جعلنا أو حالٌ من فاعلِه أي وقلنا أو قائلين لهم اتخذوا الخ وقيل هو بنفسهِ معطوفٌ على الأمرِ الذي يتضمنه قوله ﷿ مَثَابَةً لّلنَّاسِ كأنه قيل ثوبوا إليه واتخذوا الخ وقيل على المضمرِ العاملِ في إذ وقيل هي جملةٌ مستأنفةٌ والخطابُ على الوجوه الأخيرةِ له ﵇ ولأمتهِ والأولُ هو الأليقُ بجزالةِ النظم الكريم والأمرُ صريحًا كان أو مفهومًا من الحكاية للاستحباب ومن تبعيضه والمقام اسمُ مكانٍ وهو الحجَرُ الذي عليه أثر قدمُه ﵇ والموضعُ الذي كان عليه حين قام ودعا الناسَ إلى الحج أوحين رفع قواعدَ البيت وهو موضعُه اليوم والمراد بالمصلى إما موضعُ الصلاة أو موضعُ الدعاء رُوي أنه ﷺ أخذ بيد عمر ﵁ فقال هذا مقامُ إبراهيم فقال ﵁ أفلا نتخذهُ مصلًّى فقال لم أُومرْ بذلك فلم تغِبْ الشمسُ حتى نزلتْ وقيل المرادُ به الأمرُ بركعتي الطواف لما روى جابرٌ ﵁ أنَّه ﵇ لما فرَغ من طوافه عمَد إلى مقامِ إبراهيم فصلى خلفه ركعتين وقرأ واتخذوا على صيغة الماضي عطفًا على جعلنا أي واتخذ الناسُ من مكان إبراهيمَ الذي وُسِمَ به لاهتمامه به وإسكان ذريته عنده قِبلةً يصلّون إليها ﴿وَعَهِدْنَا إلى إبراهيم وإسماعيل﴾ أي أمرناهما أمرًا مؤكدًا ﴿أَن طَهّرَا بَيْتِىَ﴾ بأن طهِّراه على أنّ أنْ المصدريةَ حذف عنها الجارُّ حذفًا مطردًا لجوازِ كون صلتِها أمرا ونهيًا كما في قوله ﷿ وَإِن أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدّينِ حَنِيفًا لأن مدارَ جوازِ كونِها فعلًا إنما هو دِلالتُه على المصدر وهي متحققةٌ فيهما ووجوبُ كونِها خبريةً في صلةِ الموصولِ الاسميِّ إنَّما هُو لتوصل إلى وصفِ المعارفِ بالجملِ وهي لا يوصف بها إلا إذا كانت خبريةً وأما الموصولُ الحرفيُّ فليس كذلك ولما كان الخبرُ والإنشاءُ في الدلالةِ على المصدرِ سواءً ساغَ وقوعُ الأمرِ والنهي صلةً حسب وقوعِ الفعلِ فيتجرد عند ذلك معنى الأمر والنهي نحوُ تجردِ الصلةِ الفعليةِ عن معنى المضيّ والاستقبال أو أي طهراه على أنَّ أنْ مفسرةٌ لتضمين العهدِ معنى القولِ وإضافةُ البيت إلى ضمير الجلالة للتشريف وتوجيهُ الأمر بالتطهيرِ ههنا إليهما ﵉ لا ينافي سورةِ الحج من تخصيصِه بإبراهيم

1 / 157