154

د عقل سلیم لارښوونه

تفسير أبي السعود

خپرندوی

دار إحياء التراث العربي

د خپرونکي ځای

بيروت

ژانرونه

تفسیر
البقرة (١٢٥) له اُلبتةَ منْ غيرِ صارفٍ يلويهِ ولا عاطفٍ يثنيهِ وللناس متعلق بحاعلك أي لأجل الناس أو بمحذوفٍ وقعَ حالًا من إمامًا إذ لو تأخر عنه لكان صفةً له والإمام اسم لمن يؤتم به وكلُّ نبي إمامٌ لأمته وإمامته ﵇ عامةٌ مؤبدةٌ إذ لم يبعث بعده نبي إلا كان من ذريته مأمورًا باتباع ملته ﴿قَالَ﴾ استئناف مبنيٌّ على سؤال مقدر كأنَّه قيلَ فماذَا قالَ إبراهيم ﵇ عنده فقيل قال ﴿وَمِن ذُرّيَتِى﴾ عطف على الكاف ومن تبعيضيةٌ متعلقة بجاعل أي وجاعل بعضَ ذريتي كما تقول وزيدًا لمن يقول سأكرمك أو بمحذوف أي واجعل فريقًا من ذريتي إمامًا وتخصيصُ البعض بذلك لبَداهة استحالة إمامةِ الكلِّ وإن كانوا على الحق وقيل التقدير وماذا يكون من ذرتيى والذرية نسلُ الرجل فُعّولة من ذروت أو ذريت والأصل ذرووة أو ذُرّوْية فاجتمع في الأولى واوان زائدة وأصلية فقلبت الأصلية ياء فصارت كالثانية فاجتمعت واوٌ وياء وسَبَقَتْ إحداهما بالسكون فقُلبت الواوُ ياء وأُدغمت الياءُ في الياء فصارت ذرية أو فعلية منهما والأصل في الولى ذُرِّيوة فقلبت الواو ياء لما سبق من اجتماعهما وسَبْقِ إحداهما بالسكون فصارت ذرّيْيَة كالثانية فأدغمت الياء في مثلها فصارت ذرّية أو فُعيلة من الذرْء يمعنى الخلق والأصل ذُريئة فخففت الهمزةُ بإبدالها ياءً كهمزة خطيئة ثم أُدغمت الياء الزائدةُ في المبدلةِ أو فعيلة من الذرّ بمعنى التفريق والأصل ذُرّيرة قلبت الراء الأخيرة ياء لتوالي الأمثال كما في تسري وتفضى وتظني فأدغمت الياء في الياء كما مر أو فعولة منه والأصل ذُرّورة فقلبت الراء الأخيرة ياءً فجاء الإدغام وقرئ بكسر الذال وهي لغة فيها وقرأ أبو جعفر المدني بالفتح وهي أيضًا لغة فيها ﴿قَالَ﴾ استئناف مبني على سؤال ينساق إليه الذهنُ كما سبق ﴿لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظالمين﴾ ليس هذا ردًا لدعوتِه ﵇ بلْ إجابةً خفيةً لها وعِدَةً إجماليةً منه تعالى بتشريف بعضِ ذريتِه ﵇ بنيل عهدِ الإمامةِ حسبما وقع في استدعائه ﵇ من غير تعيين لهم بوصفٍ مميزٍ لهم عن جميع مَنْ عداهم فإن التنصيصَ على حرمانِ الظالمين منه بمعزلٍ من ذلك التمييزِ إذ ليس معناه أنه ينالُ كلَّ من ليس بظالم منهم ضرورةَ استحالةِ ذلك كما أشير إليه ولعل إيثارَ هذه الطريقةِ على تعيين الجامعين لمبادئ الإمامة من ذريته إجمالًا أو تفصيلًا وإرسالَ الباقين لئلا ينتظمَ المقتدون بالأئمةِ من الأمةِ في سلك المحرومين وفي تفصيل كل فرقة من الإطناب مالا يخفى مع ما في هذه الطريقة من تخييبِ الكفرةِ الذين كانوا يتمنَّوْن النبوة وقطعِ أطماعهمَ الفارغةِ من نيلها وإنما أوثِرَ النيلُ على الجعلِ إيماءً إلى أن إمامة الأنبياءِ ﵈ من ذريته ﵇ كإسماعيلَ وإسحقَ ويعقوبَ ويوسفَ وموسى وهارونَ وداودَ وسليمانَ وأيوبَ ويونسَ وزكريا ويحيى وعيسى وسيدنا محمدٍ ﷺ تسليمًا كثيرًا ليست بجعل مستقل بل هي حاصلة في ضمن إمامة إبراهيمَ ﵇ تنال كلا منهم في وقت قدر الله ﷿ وقرئ الظالمون على أن عهدي مفعولٌ قُدم على الفاعل اهتمامًا ورعايةً للفواصلِ وفيه دليلٌ على عصمةِ الأنبياءِ ﵈ من الكبائر على الإطلاق وعدم صلاحية الظالمِ لِلإمامة وقوله تعالى
﴿وإذ جعلنا البيت﴾ أي الكعبةَ المعظمةَ غلب عليها غلبةَ النجم على الثريا معطوفٌ

1 / 156