قوله : { يا أيها الذين ءامنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا ءامين البيت الحرام } .
ذكروا أن رجلا سأل ابن عمر عن أعظم الشعائر فقال : أوفي شك أنت منه؟ هذا أعظم الشعائر ، يعني البيت .
قوله : { ولا الشهر الحرام } فكان هذا قبل أن يؤمر بقتال المشركين كافة .
قوله : { ولا الهدي ولا القلائد } . ذكروا أن مجاهدا قال : كانوا يعلقون لحاء الشجر في أعناقهم وكان هذا من الشعائر؛ فقال أصحاب النبي عليه السلام : هذا من أعمال الجاهلية ، فحرم الله ذلك كله في الإسلام ، يعني الآية : { لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام } ، يعني الحجاج؛ إلا القلائد في أعناق الناس فإنه ترك . ثم أمر بقتال المشركين فقال : { يا أيها الذين ءامنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } [ التوبة :
2
8 ] وهو العام الذي حج فيه أبو بكر ونادى فيه علي بالأذان .
قال بعضهم : كان أحدهم يعلق قلادة من لحاء السمر إذا خرج من مكة فيقول : هذا حرمي ، فلا يعرض له حيثما توجه؛ فنسخ آمين البيت الحرام ، وهم حجاح المشركين فقال : اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم . وتفسير آمين ، يؤمون ، [ يقصدون ] البيت الحرام .
وقال الكلبي : إنما كانوا يستحلون فيصيبون الهدي وأصحاب القلائد .
وكانت القلائد أن الرجل إذا خرج من أهله حاجا أو معتمرا ليس معه هدي جعل في عنقه قلادة من شعر أو وبر ، فأمن به إلى مكة . وإذا خرج من مكة يعلق من لحاء شجر مكة فأمن به إلى أرضه .
قوله : { يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا } . قال بعضهم : الفضل والرضوان اللذان كانوا يبتغون أن يصلح الله معيشتهم في الدنيا ، ولا يعجل لهم العقوبة فيها . وقال مجاهد : { يبتغون فضلا من ربهم } : التجارة .
قال الكلبي : نزلت فيما بلغنا في رجل من بني بكر بن وائل من بني قيس بن ثعلبة؛ قدم على النبي بالمدينة فقال يا محمد ، ما تأمرنا به وما تنهانا عنه؟ فأخبره النبي بالذي له وبالذي عليه في الإسلام . فلم يرض فقال : أرجع إلى قومي فاعرض عليهم ما ذكرت ، فإن قبلوا كنت معهم ، وإن أدبروا كنت معهم على هذا؛ فقال رسول الله A : « لقد دخل علي بوجه كافر ، وخرج من عندي بقفا غادر ، وما الرجل بمسلم » فلما خرج من أرض المدينة مر بسرح من أهل المدينة فانطلق به ، فبلغ الخبر أهل المدينة فطلبوه فسبقهم . وحضر الحج ، فأقبل تاجرا حاجا فبلغ ذلك أصحاب النبي A فأرادوا أن يطلبوه فيقتلوه فيأخذوا ما معه ، فنهوا عنه في هذه الآية .
مخ ۲۸۷