187
قوله : { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه } وهذا ميثاق أخذ على العلماء من أهل الكتاب أن يبينوا للناس ما في كتابهم ، وفيه رسول الله والإسلام . { فنبذوه وراء ظهورهم } وكتبوا كتبا بأيديهم فحرفوا كتاب الله { واشتروا به ثمنا قليلا } يعني ما كانوا يصيبون عليه من عرض الدنيا { فبئس ما يشترون } إذ اشتروا النار بالجنة .
وذكر بعضهم قال : هذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم؛ من علم علما فليعلمه ، وإياكم وكتمان العلم .
ذكر عطاء قال : من سئل عن علم عنده فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار جهنم . ذكروا أن رسول الله A قال : « مثل الذي يتعلم العلم ولا يحدث به كمثل الذي يكنز ولا ينفق منه » .
قوله : { لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا } هم اليهود . قال الحسن : دخلوا على رسول الله A ، فدعاهم إلى الإسلام ، فصبروا على دينهم ، فخرجوا إلى الناس فقالوا لهم ما صنعتم مع محمد ، فقالوا : آمنا به ووافقناه . فقال الله : { لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا } ، يقول : فرحوا بما في أيديهم حين لم يوافقوا محمدا . { ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا } .
قال الكلبي : قالوا : نحن أهل الكتاب الأول ، وأهل العلم وأهل الصلاة والزكاة ، ولم يكونوا كذلك ، أحبوا أن يحمدهم الناس وأن يطأوا أعقابهم بما لم يفعلوا .
وقال مجاهد : يفرحون بما أتوا ، أي : بما فعلوا من تبديلهم التوراة ، حرفوها عن مواضعها ، ففرحوا بذلك ، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا ، يعني أن يحمدوا على أن لهم علما ، وليس عندهم علم بما حرفوا ، إنما ابتدعوا من قبل أنفسهم .
وذكر لنا أن يهود خيبر أتوا نبي الله فزعموا أنهم راضون بالذي جاء به ، وأنهم يتابعونه ، وهم متمسكون بضلالتهم ، وأرادوا أن يحمدهم نبي الله بأمر لم يفعلوه .
ذكر بعضهم قال : من طلب والحديث ولم يحدث به لم يرح ريح الجنة .
قوله : { فلا تحسبنهم بمفازة } أي بمنجاة { من العذاب ولهم عذاب أليم } أي موجع .
قوله : { ولله ملك السماوات والأرض والله على كل شيء قدير إن في خلق السماوات والأرض واختلاف اليل والنهار لآيات لأولي الألباب } أي لذوي العقول وهم المؤمنون { الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض } يقولون : { ربنا ما خلقت هذا باطلا } أي أن هذا سيصير إلى الميعاد . { سبحانك } ينزهون الله { فقنا } أي : فاصرف عنا { عذاب النار } .
قال الحسن : هذا دعاء علمه الله المؤمنين يدعون به الله ، ويسألونه الجنة ، لأنه إذا وقاهم عذاب النار أدخلهم الجنة .
ذكروا أن رسول الله A كان ليلة عند عائشة فقال :
مخ ۲۰۴