309

تفسير ابن باديس

تفسير ابن باديس ((في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير)).

ایډیټر

علق عليه وخرج آياته وأحاديثه أحمد شمس الدين.

خپرندوی

دار الكتب العلمية بيروت

شمېره چاپونه

الأولى

د چاپ کال

١٤١٦هـ - ١٩٩٥م.

د خپرونکي ځای

لبنان.

وذكر من أسمائه الرب؛ ليعلموا أن الرب الذي خلقهم وصورهم (١)، ولطف بهم في جميع أطوار خلقهم ومراحل تكوينهم: هو الذي وضع لهم هذه السبيل لطفًا منه بهم، وإحسانًا إليهم، لينهجوها في مراحل حياتهم، فكما كان رحيمًا بهم في خلقه، كان رحيمًا بهم في شرعه، فيسيروا فيها عن رغبة ومحبة فيها ومع شكر له وشوق إليه.
وأمر نبيه- ﵇ أن يدعو الناس أجمعين- وحذف معمول "ادع" لإفادة العموم- إلى هذه السبيل، فقال تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ﴾.
إهتداء:
أمر الله نبيه- ﵌ أن يدعو إلى سبيل ربه، وهو الأمين المعصوم فما ترك شيئًا من سبيل ربه إلاّ دعا إليه، فعرفنا بهذا أن ما لم يدع إليه محمد- ﵌ فليس من سبيل الرب ﷻ؛ فاهتدينا بهذا- وأمثاله كثير- إلى الفرق بين الحق والباطل، والهدى والضلال، ودعاة الله ودعاة الشيطان.
فمن دعا إلى ما دعا إليه النبي- ﵌ فهو من دعاة الله، يدعو إلى الحق والهدى. ومن دعا إلى ما لم يدع إليه محمد- ﵌ فهو من دعاة الشيطان يدعو إلى الباطل والضلال.
إقتداء:
فالمسلم المتبع للنبي- ﵌ لا يألو جهدًا في الدعوة إلى كل ما عرف من سبيل ربه، وبقيام كل واحد من المسلمين بهذه الدعوة بما استطاع، تتضح السبيل للسالكين، ويعم العلم بها عند المسلمين، وتخلو سبل الباطل على دعاتها من الشياطين.
أركان الدعوة:
١ - الداعي، وهو النبي ﵌.
٢ - والمدعو، وهم جميع الناس.
٣ - والمدعو إليه، وهو سبيل الرب ﷻ. والدعوة إلى سبيله الموصل إليه دعوة إليه، فالمدعو إليه في الحقيقة هو الله تعالى.
٤ - والبيان عن الدعوة.
وتجيء الآيات القرآنية منها ما هو حديث وبيان عن الداعي، ومنها ما هو حديث وبيان عن المدعو إليه، ومنها ما هو حديث وبيان عن بيان الدعوة.
وتتضمن كل آية جاءت في واحد الذكر أوجه الإشارة للثلاثة الأخرى، وهذه الآية الكريمة

(١) تحرفت في الأصل المطبوع إلى "وطورهم".

1 / 319