155
{ ولنبلونكم } عطف على استعينوا ، أو على ما عطف عليه استعينوا ، والمعنى ، لنصيبنكم إصابة كإصابة من تختبر حاله ، لنعلم أيصبر ويثبت على الطاعة أو لا ، والله لا يخفى عليه شىء ، فذلك استعارة تمثيلية ، والخطاب للمؤمنين عموما ، وقيل للصحابة ، وقيل لأهل مكة { بشىء } قليل ، كما يفيده التنكير مع التبعيضية مع العرف فى لفظ شىء ، فإن كل ما أصابهم قليل بالنسبة إلى المصائب العظام ، وهم عالمون بأن ما لم يصبهم أعظم ، فيعلمون أن رحمة الله لم تفارقهم ، إذ هم معافون من المصائب التى فوق ذلك ، وأيضا يفرج الله عنهم أو يعوضهم ، وبالنسبة إلى ما يصيب الكفار فى الآخرة ، وذلك داع إلى الشكر ، ومن نعمته أنه أخبرهم بما يصيبهم قبل وقوعه ليوطنوا أنفسهم مع معرفتهم أن لهم عليه أجرا ، فيخف بما بعد ذلك ، ولو أصيبوا بمثله قبل الإخبار { من الخوف } خوف العدو ، وقيل ، خوف الله ، وفيه ، أن خوف الله لا يسميه الله بلاء واختبارا ، وهو أمر محمود ، لا يسعى باسم ينفر ويثقل ، وأما أن يعترض أنه للحال فلا ، لأن المضارع مع لام القسم للاستقبال ، وإن صح الحال فالمراد يستقبل من ذلك { والجوع } القط والغلاء والفقر ، وفسره بعض القحط ، إقامة للمسبب ، وقيل للصوم ، وفيه ما مر من خوف الله ، بل دونه ، لأنه يقال ، يبتليكم الله بما يشق عليكم فتفعلونه ، لكن التفسير بغير الظاهر بلا داع بدعة لا تجوز { ونقص من الأموال } بالهلاك للحيوان والشجر والنبات ، أو بالسرقة والكساد ، وقيل ، بالإنفاق نفلا ، أو زكاة ، وفيه ما مر ، من خوف الله ، وأيضا فى تسميتها نقصا من الأموال تنفير ولو صح أن ما يعطى من المال نقص من عدده .
وقد قال A : « ما نقص مال من صدقة » ، أى لها ، أى يخلفه الله عددا ، أو كمالا بالبركة ، فيقوم الباقى مقام نفسه ومقام ما خرج وأكثر ، مع ثواب الآخرة { والأنفس } أنفس الأحبة ومن يعز على الرجل هلاكه ، وذلك بالقتل والموت والأمراض ، وذهاب منافع البدن بذهاب قواه ، كالصمم والعمى والعرج ، فذلك نقص من صحة الأنفس { والثمرت } من الشجر والنبات والحرث بالحوائج من رحي وحر وبرد ، ونقص ماء ونحو ذلكن وخصت مع أنها من الأموال لأنها قد لا تملك كثمار الأرض التى لا يملكها أحد ، وقيل ، الأولاد لأنهم ثمرة آبائهم وأمهاتهم ، بأن يموتوا أو يصابوا فى أبدانهم ، ومن الثمرات بمعنى الأولاد الحديث ، إذا مات ولد العبد قال الله للملائكة ، أقبضتم ولد عبدى؟ فيقولون ، نعمن فيقول : أقبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون ، نعم ، فيقول الله تعالى : ماذا قال عبدى؟ فيقولون ، حمدك واسترجع ، فيقول الله تعالى ، ابنوا لعبدى بيتا فى الجنة ، وسموه بيت الحمد ، أى لأنه سببه الحمد ، لكن ليس كل ما جاء فى الحديث يفسر القرآن به { وبشر } بالصلوات من الله والرحمة والخلف والثواب العظيم ، ولا حاجة إلى تقدير بعضهم ، أنذر الجازعين ، لأنه معلوم بلا تقدير ، ولا داعى إلى تقديره { الصبرين } من المؤمنين ، لأن صبر الكافرين لا ينفعهم فى الآخرة ، والخطاب للنبى A ، أو لكل من يصلح للتبشير ، وهكذا فى مثل الآية ، بحسب الإمكان ولو لم أذكره .
مخ ۱۷۷