ما ينبغى لنا تعظيم الله . لا رد لقوله لو ركبت فيكم الشهوة لعصيتم ، وهما ملكان ، ولو ركب فيهما ذلك فلا ينافى تسميتها ملكين فى الآية ، وإن سلم ذلك فهما ملكان قيل : فهو مجاز بلا ضعف ، والشاهد الأحاديث ، والكلام فى العصمة مع البقاء على شأنها بلا إخراج ، وأما مع الإخراج عن شأنها لله أن يخرج من يشاء من أهلها إلى غيره ، فلا يكون معصوما . وأما الزهرة فالظاهر أنها قل ذلك لكم بلا نص على قبيلتها ، فجاءت هذه الرواية بحدوثها ، بنسخ المرة إليها .
وقد روى أن امرأة دخلت على عائشة رضى الله عنها تطلب التوبة من تعلم السحر منهما ، وأن رجلا من هذه الأمة أتاها ليتعلم ، فوجدهما معلقين بأرجلهما ، مزرقة أعينهما ، مسودة جلودهما ، بين ألسنتهما وبين الماء أربع أصابع ، يعذبان بالعطش ، وقد أثبت قصتهما الشيخ يوسف بن إبراهيم ، ورواها مرفوعة أحمد وابن حبان والبيهقى ، وموقوفة عن على وابن مسعود وابن عباس ، وصحح السيوطى الرواية . { وما يعلمان من أحد حتى يقولا } له مرة ، وهو الثابت ، وقيل ثلاثا ، وقيل سبعا ، وقيل تسعا { إنما نحن فتنة } ابتلاء من الله للناس ، فمن تعلمه كفر ، أو من تعلمه وعمل به كفر ، وكذا من اعتقد أنه حق جائز ، من لم يتعلمه ، أو تعلمه ليتقى ضره ، أو يدفع به دعوة النبوة عن من ادعاها به ، وكان مؤمنا ، فهو باق على إيمانه { فلا تكفر } بتعلمه أو بالعمل به أو دعوى النبوة به ، فإن لم يرتدع بهذه النصيحة علماه { فيتعلمون } أى الناس المعبر عنهم بأحد فى سياق السلب ، عطف على ما يعلمان ، كأنه قيل ، يعلمان الناس بعد قولهما ، إنما نحن . . . إلخ فيعلمون أو على يعلمون { منهما } من الملكين أنفسهما ، وقيل ، بتوسط شياطين ، يأخذان عنهما مرة فى السنة ويعلمان الناس ، أو من السحر وما أنزل على الملكين ، أو من الفتنة والكفر ، أى يتعلمون بعضا من كل منهما ، وعلى الثانى العطف على اتبعوه ، أو الوجه الأول أحق { ما يفرقون به بين المرء } الإنسان { وزوجه } أى قرينه ، حليلته وحليلها ، أو صاحبا وصاحبة مطلقا ، بأن ببغض كلا إلى الآخرة ، ولا مؤثر إلا الله ، والله يؤثر السحر ويطبع الطبائع ويؤثر أثرها ومن قال باستقلال شىء أشرك { وما هم } أى السحرة ، وهذا أولى من رد الضمير إلى اليهود أو الشياطين { بضارين به } أى بالسحر ، أو ما يفرقون به { من أحد إلا بإذن الله } متعلق بضارين ، أى إلا بتقديره ، ومن قال بتخليته بينه وبين المسحور لم يرد أن السحر مستغن عن الله ومستقل ، فإنه لا تأثير لشىء إلا بالله ، وكل شىء مستأنف من الله { ويتعلمون ما يضرهم } فى الآخرة ، أو مع الدنيا ، وهو السحر { ولا ينفعهم } زاده .
مخ ۱۲۰