تفسیر صدر المتألهین
تفسير صدر المتألهين
ژانرونه
الفصل الثاني
في أن الماهية يستحيل أن تكون أثرا للجاعل ومجعولة له، وعليه براهين:
الأول: أن أثر الفاعل لو كان ماهية شيء كماهية الإنسان من حيث هي دون وجودها، لما أمكن لأحد أن يتصور تلك الماهية قبل صدورها عن الفاعل، لما تقرر أن العلم بذي السبب لا يحصل إلا من جهة العلم بسببه، والمقدر خلافه إذ كثيرا ما نتصور الماهيات ولا يخطر ببالنا جاعلها أصلا، بل للعقل أن يتصور ماهية كل شيء من حيث هي هي، أو مجردة عن ما عداها، حتى عن هذه الملاحظة، فليست هي من هذه الحيثية - أي بما هي هي - موجودة ولا مجعولة، ولا لا موجودة ولا لا مجعولة.
وأيضا، فلو كانت هي بما هي هي مجعولة، لكان مفهوم المجعولية ذاتيا لها، ولكانت الماهيات كلها من مقولة المضاف، والتوالي بأسرها ظاهرة البطلان، فالمقدم مثله، والملازمة تظهر بالتأمل الصادق.
فإن قلت: هذا يلزمك على القول بمجعولية الوجود.
قلت: إن وجود كل شيء نفس هويته العينية وحقيقته الخارجية، فلا يمكن العلم بها إلا بالمشاهدة الحضورية والانكشاف النوري، إذ كل ما حصلت صورته في الذهن فهو أمر كلي، وإن تخصصت بمخصصات كثيرة. والوجود هوية عينية متشخصة بذاتها صادرة عن هوية جاعله إياها جعلا بسيطا، فلا يمكن انكشافه وحضوره إلا من جهة حضور هوية جاعله، وهذا المفهوم العام المشترك الانتزاعي الاثباتي، وجه من وجوهه، وهو بمعزل عن الهوية الخارجية، وهذه الهويات الوجودية مجعولات بأنفسها ومنتسبات بذواتها الى مفيضها التام، ومع ذلك، ليست واقعة تحت مقولة المضاف، لأن مقولة المضاف قسم من أقسام الماهيات التي هي زائدة على الوجود، أولا ترى أن الهوية الإلهية مع كونها مبدأ جميع الأشياء، ليست واقعة تحت مقولة المضاف؟ فكذا ساير الهويات الوجودية.
برهان آخر
لو كانت الجاعلية والمجعولية متحققتين بين الماهيات لا بين الوجودات، يلزم التشكيك بالأقدمية وعدمها بين أفراد مقولة الجوهر عند سببية جوهر لجوهر آخر، وهذا باطل عند محصلي الحكماء، حيث بينوا أن لا أولوية ولا تقدم لماهية جوهر على ماهية جوهر آخر ، لا في تجوهره، ولا في جوهريته، أي في كونه محمولا عليه معنى الجوهر الجنسي، فلا يتقدم الإنسان الذي هو الأب على الإنسان الابن في حده ومعناه، ولا في صدق الإنسانية عليه، بل تقدمه عليه إما بالوجود أو بالزمان.
برهان آخر عرشي
إن الصادر الأول مثلا له ماهية نوعية محتملة الصدق على كثيرين، وليس الصادر من الباري عندهم إلا شخصا واحدا من أعداد نوعه المشتركة فيه، فكون الصادر هذا الشخص الواحد دون غيره، لو كان بمجرد صدور ماهيته النوعية، يوجب الترجيح من غير مرجح؛ إذ الجاعل واحد والماهية واحدة، والنسبة بينها وبين اشخاصها متماثلة، فكونها هذا الفرد دون غيره، مما يتساوى نسبته، غير صحيحة، وكذا موجودية هذا الشخص دون سائر الأسخاص، بمجرد ابداع الباري نفس الماهية النوعية المتواطئة مع اشتراكها بين الجميع، غير صحيح.
ناپیژندل شوی مخ