تفسیر صدر المتألهین
تفسير صدر المتألهين
ژانرونه
فالوجود يجب أن يكون بنفسه موجودا في الواقع، لأنه يصدق عليه هذا المفهوم، فله لا محالة صورة عينية مع قطع النظر عن اعتبار العقل، وهو المعني بكون الوجود موجودا، لا أن له وجودا زائدا كما توهمه العبارة، حتى تلزم منه المحذورات المشهورة، فإذا كان الوجود موجودا، فهو إما واجب - إن كان غير متعلق بغيره - أو ممكن إن كان متعلقا بغيره، وهو المعني بكون الوجود مجعولا أو صادرا. هذا هو المطلوب.
حجة اخرى
لو لم يكن الوجود للاشياء موجودا أي واقعا في الأعيان، لم يوجد شيء من الأشياء، والتالي باطل فكذا المقدم.
بيان الشرطية: أن الماهية قبل انضمام الوجود إليها، أو اعتباره معها، أو ما شئت فسمه، غير موجود، وهو ظاهر، وكذلك أيضا إذا اعتبرت الماهية من حيث هي لا مع اعتبار الوجود، فهي غير موجودة ولا معدومة، فإذن لو لم يكن الوجود موجودا، لم يمكن ثبوت مفهوم أحدهما للآخر، فإن ثبوت شيء لشيء، أو إنضمامه إليه، أو اعتباره معه، أو انتزاعه منه، فرع لثبوت المثبت له، أو مستلزم له لا أقل، للمغايرة بينهما في الثبوت، وليس للماهية من حيث هي هي - مع قطع النظر عن الوجود - وجود وثبوت أصلا، فكيف يتحقق هناك اتصاف بالوجود وليست الماهية في نفسها موجودة، ولا الوجود في نفسه موجودا، فلا تكون الماهية معروضة للوجود - كما اشتهر وذهب إليه جمهور الحكماء - ولا عارضة له - كما ذهب إليه طائفة من العرفاء - إذ كل من راجع وجدانه وأنصف من نفسه، أدرك ان انضمام معدوم لمعدوم في الخارج، أو انضمام مفهوم لمفهوم من غير وجود أحدهما للآخر، أو قيامه به، أو قيامهما بموجود آخر، غير صحيح، ولا مما يجوزه العقل، بل يقضي بامتناعه، ولهذا قال بعض العلماء: إن الفطرة شاهدة بأن الماهية إذا كانت موجودة بنفس وجودها لا قبله، كان الموجود بالذات ها هنا هو نفس الوجود لا الماهية.
كما ان المضاف بالحقيقة نفس الإضافة لا ما هو المضاف المشهوري، فعلم ان المجعول الصادر من الفاعل هو الوجود، وما قيل من ان الماهية موجوديتها باعتبار انتسابها الى الجاعل التام، فهو هوس محض، فإن غير المنتسب الى شيء إذا انتسب فهو لا محالة بشيء يلحقه انتسب، فلا محالة يتغير عما كان ويستحيل إلى حالة وصفة لم تكن حاصلة له من قبل، فهو بذلك الشيء صار منتسبا، فيكون المنتسب بالحقيقة ذلك الشيء دونه، فعلى هذا يلزم أن يكون المنتسب إلى الجاعل التام هو وجود الماهية دونها.
برهان آخر
إن موجودية الأشياء، إما بانضمام الوجود الى الماهية، أو بصيرورتها موجودة، أو باتصافها به أو ما يجرى هذا المجرى كما هو المشهور من الحكماء المشائين، وإما بمجعولية نفس الماهيات جعلا بسيطا كما عليه أتباع الرواقيين، وتبعهم هذا القائل، والشيخ المقتول وجماعة من المتأخرين، وإما بنفس الوجودات الخاصة الفائضة عن الباري الحي القيوم كما ذهب هذه الفقراء، والأول مقدوح مردود بوجوه مذكورة في موضعها، والثاني أيضا؛ والإلزام أن لا يتحقق موجود ما في الخارج، والا لزم ظاهر البطلان، فكذا الملزوم، فبقي المذهب الثالث حقا.
وأما بيان الملازمة في هذه الشرطية، فبأن الوجود على هذا الرأي، إن كان نفس الماهية من غير اعتبار قيد زائد وشرط، فيكون كل من تصور الإنسان مثلا تصور أنه موجود، ولم يكن فرق بين كون الإنسان إنسانا وبين كونه موجودا، ولكان قولنا: الإنسان معدوم تناقضا، والتالي باطل فالمقدم مثله، وإن كان الوجود عبارة عن انتساب الماهية الى الجاعل، والنسبة لا تتحقق إلا بعد تحقق الطرفين فننقل الكلام في وجود معروضه، فيعود المحذور جذعا.
فإن قيل: موجودية الماهية ليست بانتسابها الى الجاعل، بل بكونها بحيث تنتسب اليه وترتبط به.
قلنا: فيكون المجعول وما هو أثر الجاعل هو كونها على هذه الحيثية لانفس الماهية بما هي هي، وهو خلاف المفروض، على أن المجعول ها هنا هو الكون المذكور. ونحن لا نعني بالوجود الا هذا الكون، فثبت المطلوب بالخلف والاستقامة معا .
ناپیژندل شوی مخ