كما اشترى المسلم اذا تبصر
{ مثلهم كمثل الذي استوقد نارا } الآية: اي هؤلاء المنافقون مثلهم في كونهم من جملة المسلمين في الدنيا وتميزهم عنهم في الآخرة كمثل رجل بقي هو وأصحابه في الطريق في ليلة مظلمة فأوقد نارا لينظر هو واصحابه الطريق. { فلما أضاءت } النار { ما حوله } أطفأ الله تلك النار فعادت الظلمة كما كانت فكذلك اذا مات هؤلاء المتقدم ذكرهم عادوا الى الظلمة، وبقوا في العقاب الدآئم أجارنا الله منه. { صم بكم عمي فهم لا يرجعون } يعني هؤلاء المنافقين، قيل: صم عن استماع الحق، بكم عن التكلم به، عمي عن الابصار له. { أو كصيب } قيل: مثل ثان للمنافقين. { من السماء } قيل: سحاب من السماء ذا مطر، وقيل: كمطر من السماء. { فيه } يعني في الصيب. { ظلمات ورعد } قيل: صوت ملك يزجر السحاب، وقيل: الرعد هو الملك. { وبرق } قيل: محاريق من حديد، وقيل: سوط من نار، رواه أمير المؤمنين علي (عليه السلام). { يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت } أي مخافة الموت أن تناله الصاعقة فتهلكه، فيجعل اصبعه في أذنه كيلا يسمع منه شيئا كذلك هذا الجاهل يفر عن سماع القرآن والحق. { يكاد البرق يخطف أبصارهم } أي تكاد الدلائل والآيات تخطف قلوب هؤلاء، المتقدم ذكرهم لما فيها من الازعاج الى النظر، والدعاء الى الحق كما يكاد البرق يخطف أبصار أولئك. { كلما أضاء لهم مشوا فيه } قيل: اذا آمنوا صار الإسلام لهم نورا، واذا ماتوا عادوا الى الظلمة.
[2.21-25]
{ يأيها الناس } قيل: هم أهل مكة، وقيل: هو عام. { اعبدوا ربكم } اي وحدوه وأطيعوه. { لعلكم تتقون } أي لكي تتقوا الله تعالى. { الذي جعل لكم الأرض فراشا } اي بساطا. { والسماء بناء } أي سقفا. { فلا تجعلوا لله أندادا } أي أضدادا. { وأنتم تعلمون } انه الخالق دون الأوثان، وقيل: تعلمون أنه المنعم عليكم دون الأوثان فإنها لا تنفع ولا تضر فكيف تستحق العبادة. { وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا } الآية، اعلم ان الله عز وجل تحدى العرب بأن يأتوا بمثله ثم حطهم مرتبة أخرى فقال: { فأتوا بسورة من مثله } وبالاتفاق ان العرب كانوا في النهاية من الفصاحة بحيث لا يكون قبلهم ولا بعدهم أفصح منهم وأقل سورة ثلاث آيات. { وادعوا شهداءكم } يعني واستعينوا بآلهتكم التي تعبدونها. { من دون الله إن كنتم صادقين } بأن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) افتراه، وقيل: أعوانكم، وقيل: ناس يشهدون لكم. { فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا } فنفى عنهم انهم لم يفعلوا كما هو عالم لما فيه من الاعجاز فارجعوا الى عقولكم. { واتقوا الله } بفعل طاعتكم لله ولرسوله. { التي وقودها الناس } اي حطبها. { والحجارة } قيل: هي الاصنام، وقيل: هي الكبريت، وقيل: هي حجارة يعذبون بها، وقيل: هي كنوز الذهب والفضة. { وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات } قيل: اخلصوا الأعمال. وعن علي (عليه السلام): " اقامة الصلاة المفروضة " ، وقيل: الطاعة فيما بينهم وبين ربهم، وقيل: العمل الصالح الذي يكون فيه أربعة أشياء: العلم، والنية، والصبر، والاخلاص. { من تحتها الانهار } أي من تحت أشجارها فحذف المضاف، وقيل: من تحت منازلها وهم في الغرفات. { قالوا هذا الذي رزقنا من قبل } قيل: في الجنة من قوله: { بكرة وعشيا } ، وقيل: في الدنيا. { وأتوا به متشابها } قيل: مشبها في الصورة واللون مختلفا في الطعم، وقيل: متشابها في الأسماء، وعن ابن عباس (رضي الله عنه): ليس في الدنيا مما في الجنة الا الأسماء. { ولهم فيها أزواج } قيل: الحور العين، وقيل: نساء الدنيا المؤمنات مطهرات من الحيض والبول والغائط وجميع الأقذار.
[2.26-29]
{ إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة } الآية، قيل: نزلت في اليهود وذلك ان الله تعالى لما ذكر في كتابه الكريم الذباب والعنكبوت ضحكوا وقالوا: ما يشبه هذا كلام الله تعالى، قال جار الله: والحياء تغير وانكسار يعتري الانسان من خوف ما يعاب به او يذم، واشتقاقه من الحياة، قال: فإن قلت: كيف جاز وصف القديم سبحانه به ولا يجوز عليه التغير والذم؟ قلت: مجاز. وفي حديث:
" ان العبد اذا رفع يده الى الله تعالى يطلب داعيا اليه، استحيى الله ان يرد يده صفرا حتى يهب فيهما خيرا "
وهو مجاز على سبيل المثل، وكذلك معنى قوله: { إن الله لا يستحي } أن يترك ضرب المثل بالبعوضة، او هو جواب للكفرة، وفي خلقه ما هو أصغر منها ف
سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون
[يس: 36] والبعوضة النهاية في الصغر وهي النامس وانشد لبعضهم:
ناپیژندل شوی مخ