{ والذين يؤمنون بما أنزل إليك } يعني يؤمنون بنبوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويصدقونه ولا يكذبونه. { وما أنزل من قبلك } من الكتب على لسان كل نبي. { وبالآخرة هم يوقنون } يعرفونها بالأدلة. { أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون } والمفلح الفائز بالغنيمة، وقيل: الظافرون بالمراد، وقيل: الفائزون بالجنة الناجون من النار.
{ إن الذين كفروا } الآية، قيل: نزلت في أبي جهل وخمسة من أهل بيته، وقيل: في اليهود، وقيل: في قوم من المنافقين، وقيل: في مشركي العرب، وقيل في قادة الاحزاب، وقيل: في حيي بن اخطب، وقيل: هو عام في جميع الكفار. { ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم } قيل: هو ذم لهم لأنها كالمختوم عليها، وقيل: نكتة سوداء جعلها الله في قلوبهم علامة للملائكة انه لا يفلح، وقيل: هو ذم لهم كما قال الشاعر:
ختم الاله على لسان عذافر
ختما فليس على الكلام بقادر
يعني فلم يختم. { ومن الناس من يقول آمنا بالله } الآية، نزلت في عبد الله بن أبي وأصحابه المنافقين، افتتح سبحانه أول سورة البقرة بالذين اخلصوا دينهم فيه، وثنى بالذين كفروا ظاهرا وباطنا، وثلث بالذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، ووصف حال الذين كفروا في آيتين، وحال الذين نافقوا في ثلاث عشرة آية وبين فيها خبثهم ومكرهم، وفضحهم، واستهزأ بهم، ودعاهم صما بكما عميا وضرب لهم الأمثال الشنيعة ، وقصة المنافقين معطوفة على قصة الذين كفروا كما يعطي دلالة على الجملة. { يخادعون الله } قيل: تقديره يخادعون رسول الله، وقيل: ذكر الله هنا للتعظيم والانكار. { وما يشعرون } اي لا يعلمون انهم يخدعون انفسهم لأن وبال ذلك عليهم والشعور علم مشقق من الشعار. { في قلوبهم مرض } المرض الغل والحسد والميل الى المعاصي والعزم عليها كما قال:
حامل اقواما حياء وقد أرى
قلوبهم تغلي على مراضها
{ وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس } قيل: هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن تبعه. { قالوا } هؤلاء المتقدم ذكرهم عبد الله بن أبي وأصحابه. { أنؤمن كما آمن السفهاء } فرد الله عليهم بقوله: { ألا إنهم هم السفهاء } وقيل: اراد كما آمن الناس عبد الله بن سلام وأصحابه، قال اليهود: أنؤمن كما آمن السفهاء.
[2.14-20]
{ وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا } الآية، نزلت في عبد الله بن أبي وأصحابه. روي عن ابن عباس ان عبد الله بن ابي وأصحابه خرجوا فاستقبلهم نفر من الصحابة (رضي الله عنهم) فقال: انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم، وأخذ بيد عمر وقال مرحبا بالفاروق وسيد بني عدي، واخذ بيد أبي بكر وقال مرحبا بسيد بني تميم وثاني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الغار، واخذ بيد علي (عليه السلام) وقال: مرحبا بابن عم رسول الله وحبيبه وسيد بني هاشم ما خلا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فقال له علي (عليه السلام): " يا عبد الله اتق الله ولا تنافق فإن المنافقين في النار وانهم شر خلق الله ". فقال: مهلا يا ابا الحسن لا تقل هذا فوالله ان إيماننا كإيمانكم، فتفرقوا فقال لأصحابه: كيف رأيتم ما فعلت؟ فأثنوا عليه وقالوا: لا نزال بخير ما دمت فينا، ورجع المسلمون فأخبروا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنزلت الآية. { وإذا خلوا إلى شياطينهم } مضوا معهم، يقال: خلا معه وإليه وبه، قال الاخفش: يقال: خلا به اذا انفرد به، قال الحسن: " الشياطين مردة الجن وابليس أصلهم، وشياطين الانس مردتهم، وآدم أبوهم ". { الله يستهزئ بهم } أي يجازيهم على استهزائهم. { ويمدهم } يعني يمهلهم. { في طغيانهم يعمهون } قيل: يحادون، وقيل: يترددون. { اولئك الذين اشتروا الضلالة } مجاز بالشراء لما مالوا اليها قال الشاعر:
ناپیژندل شوی مخ