[88 - سورة الغاشية]
[88.1-16]
{ هل أتاك } يعني قد أتاك { حديث الغاشية } وهي القيامة تغشى الناس بالأهوال، وقيل: الغاشية النار تغشى وجوه الكفار { وجوه } قيل: أراد أرباب وجوه كقوله: جاء في وجوه أي ساداتهم، وقيل: أراد الجارحة بعينها { يومئذ } يعني يوم القيامة، وقيل: أراد في النار { خاشعة } ذليلة خاضعة { عاملة } قيل: عاملة في النار { ناصبة } فيها لم تعمل لله في الدنيا ونصبهم في النار بمعاجلة السلاسل والأغلال عن الحسن وقتادة وسعيد بن جبير، وروي نحوه عن ابن عباس، وقيل: يجرون على وجوههم في النار، وقيل: خاشعة عاملة ناصبة في الدنيا يعملون وينصبون ويتعبون رجاء أن ينالوا خيرا فلما كان تعبهم في غير ما أمر الله كانوا من أهل العذاب في النار فاتصل نصبهم في الدنيا بنصبهم في الآخرة، وعن أبي علي: وقيل: هم الرهبان وأصحاب الصوامع وأهل البدع { تصلى نارا حامية } قيل: يلزمون النار { تسقى من عين آنية } بلغت الغاية في شدة الحر قيل: لما نزل قوله: { ليس لهم طعام إلا من ضريع } قالت قريش: إن إبلنا تسمن من الضريع فنزل: { لا يسمن ولا يغني من جوع } والضريع نبت تأكله الإبل يضر ولا ينفع وإنما تشتبه عليها مرة فتظنها كغيره من النبت وأصله من المضارعة والمشابهة، وقيل: الضريع السبرق وهو سم، وقيل: هو شجر من نار، وقيل: في الدنيا الشوك اليابس وفي الآخرة شوك من نار { لا يسمن ولا يغني من جوع } أي لا يدفع جوعا ولا يسمن أحدا، ثم وصف أهل الجنة فقال: { وجوه يومئذ ناعمة } أي يظهر عليها أثر النعمة والسرور { لسعيها راضية } أي رضيت بما عملت في الدنيا من الطاعات { لا يسمع فيها } بياء مضمومة { لاغية } رفع ابن كثير وأبو عمرو وتسمع بتاء مضمومة أيضا نافع، وقرأ حمزة والكسائي تسمع بتاء مفتوحة لاغية بالنصب، ومعنى لاغية كلاما لا فائدة فيه، وقيل: كلاما يؤذيهم، ثم وصف حال الجنة فقال سبحانه: { فيها عين جارية } ، قيل: تجري كما يريد صاحبها، وقيل: جارية من كل الشراب { فيها سرر مرفوعة } أي رفيع القدر لأهلها حتى لا يحتاج إلى الصعود { وأكواب موضوعة } قيل: على حافات الأعين الجارية كلما أرادوا شربها وجدوها مملوءة، والأكواب جمع كوب وهي الأباريق ليس لها خرطوم وهي آنية فاخرة حسنة الصور ولا خراطيم لها { ونمارق } قيل: وسائد { مصفوفة } بعضها إلى بعض { وزرابي مبثوثة } قيل: البسط الفاخرة، وقيل: الطنافس، وقوله: { مبثوثة } مبسوطة، وقيل: مفروقة في المجالس.
[88.17-26]
{ أفلا ينظرون } يتفكرون { إلى الإبل كيف خلقت } وكيف قدرها الله وما فيها من المنافع { وإلى السماء كيف رفعت } { وإلى الجبال كيف نصبت } { وإلى الأرض كيف سطحت } { فذكر } قيل: ذكرهم هذه الأدلة ومرهم بالاستدلال، وقيل: ذكرهم الوعد والوعيد إنما بعثت للتذكر { لست عليهم بمصيطر } قيل: بجبار، وقيل: بمتسلط، قال بعضهم: كان هذا قبل نزول آية الجهاد ثم نسخ بآية القتال، وقيل: لا نسخ فيه لأن الجهاد ليس بإكراه ولمكان الاستثناء، وقيل: للتذكر والقبول عليهم { إلا من تولى } استثناء منقطع ومعناه لكن من تولى، وقيل: استثناء صحيح راجع إلى قوله: { مصيطر } يعني { إلا من تولى وكفر } فإنك مصيطر عليهم بالجهاد، وقيل: بل هو راجع إلى قوله: { فذكر } قومك { إلا من تولى } وأعرض فلا تنفعه الذكرى { فيعذبه الله العذاب الأكبر } وهو عذاب النار { إن إلينا إيابهم } يعني رجوعهم لا يفوتون { ثم إن علينا حسابهم } فنجازيهم بما عملوا.
[89 - سورة الفجر]
[89.1-9]
قوله: { والفجر } أقسم الله تعالى بالفجر كما أقسم بالصبح في قوله:
والصبح إذا أسفر
[المدثر: 34] وقيل: بصلاة الفجر { وليال عشر } ذي الحجة وعليه الأكثر، وقيل: الأول من رمضان، وقيل: الأول من المحرم { والشفع والوتر } قيل: الشفع الزوج والوتر الفرد من العدد، وقيل: أراد كل ما خلق الله تعالى لأن جميع الأشياء إما فرد وإما زوج، وقيل: الوتر الله تعالى، وقيل: الوتر يوم عرفة والشفع يوم النحر، وقيل: أراد الصلاة المكتوبة منها شفع ومنها وتر، وقيل: الشفع آدم وحواء والوتر الله تعالى، وقيل: الشفع علي وفاطمة والوتر محمد، قال الحاكم: والوجه أن يحمل على جميع ما خلق الله { والليل إذا يسر } أي يذهب، وأقسم بهذه لما فيها من العبر، وقيل: أقسم بربها { هل في ذلك قسم لذي حجر } مقنع لذي عقل { ألم تر كيف فعل ربك بعاد } وهم قوم هود { إرم } اختلفوا فيه قيل: هو دمشق، وقيل: هو جد عاد، وقيل: ارم بناها شداد بن عاد وأراد أن يدخلها فأهلكه الله بصيحة من السماء، وقيل: أنه لما سمع بذكر الجنة فقال: أنا أبني مثلها فبنى ارم في بعض صحاري عدن في ثلاثمائة سنة وكان عمره تسعمائة سنة وهي مدينة عظيمة قصورها من الذهب والفضة، وأساطينها من الزبرجد والياقوت، وفيها أصناف الأشجار، ولما تم بناؤها سار بأهل مملكته، فلما كانوا منها مسيرة يوم وليلة بعث عليهم صيحة فهلكوا، وقيل: ارم بلدهم وأرضهم { التي لم يخلق مثلها في البلاد } قيل: كان طول الرجل منهم أربعمائة ذراع، قال جار الله: وكان يأتي بالصخرة العظيمة فيحملها، أولم يخلق مثل مدينة شداد { وثمود } هم قوم صالح { الذين جابوا الصخر بالواد } قطعوا صخر الجبال واتخذوا فيها بيوتا، وقيل: أول من نحت الجبال والصخر والرخام وبنوا فيها ألفا وسبع مائة مدينة كلها من الحجارة.
ناپیژندل شوی مخ