244

تفسير البغوي

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

پوهندوی

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

خپرندوی

دار طيبة للنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الرابعة

د چاپ کال

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

قِمَارٌ فَهُوَ مِنَ الْمَيْسِرِ حَتَّى لَعِبِ الصِّبْيَانِ بِالْجَوْزِ وَالْكِعَابِ، وَرُوِيَ عَنْ عَلَيٍّ ﵁ فِي النَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ أَنَّهُمَا مِنَ الْمَيْسِرِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾ وِزْرٌ عَظِيمٌ مِنَ الْمُخَاصَمَةِ وَالْمُشَاتَمَةِ وَقَوْلِ الْفُحْشِ، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ إِثْمٌ كَثِيرٌ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْبَاءِ فَالْإِثْمُ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ. "إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ" (٩١-الْمَائِدَةِ) ﴿وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ فَمَنْفَعَةُ الْخَمْرِ اللَّذَّةُ عِنْدَ شُرْبِهَا وَالْفَرَحُ وَاسْتِمْرَاءُ الطَّعَامِ وَمَا يُصِيبُونَ مِنَ الرِّبْحِ بِالتِّجَارَةِ فِيهَا، وَمَنْفَعَةُ الْمَيْسِرِ إِصَابَةُ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ كَدٍّ وَلَا تَعَبٍ وَارْتِفَاقُ الْفُقَرَاءِ بِهِ. وَالْإِثْمُ فِيهِ أَنَّهُ إِذَا ذَهَبَ مَالُهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ سَاءَهُ ذَلِكَ فَعَادَى صَاحِبَهُ فَقَصَدَهُ بِالسُّوءِ. ﴿وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ قَالَ الضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُ: إِثْمُهُمَا بَعْدَ التَّحْرِيمِ أَكْبَرُ مِنْ نفعهما قبل ٣٥/أالتَّحْرِيمِ، وَقِيلَ: إِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا قَبْلَ التَّحْرِيمِ وَهُوَ مَا يَحْصُلُ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ﴾ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حَثَّهُمْ عَلَى الصَّدَقَةِ فَقَالُوا مَاذَا نُنْفِقُ؟ فَقَالَ ﴿قُلِ الْعَفْوَ﴾ قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو الْعَفْوَ بِالرَّفْعِ، مَعْنَاهُ: الَّذِي يُنْفِقُونَ هُوَ الْعَفْوُ. وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالنَّصْبِ، عَلَى مَعْنَى قُلْ: أَنْفِقُوا الْعَفْوَ. وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْعَفْوِ، فَقَالَ قَتَادَةُ وَعَطَاءٌ وَالسُّدِّيُّ: هُوَ مَا فَضَلَ عَنِ الْحَاجَةِ، وَكَانَتِ الصَّحَابَةُ يَكْتَسِبُونَ الْمَالَ وَيُمْسِكُونَ قَدْرَ النَّفَقَةِ وَيَتَصَدَّقُونَ بِالْفَضْلِ بِحُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ، ثُمَّ نُسِخَ بِآيَةِ الزَّكَاةِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَعْنَاهُ: التَّصَدُّقُ عَنْ ظَهْرِ غِنًى حَتَّى لَا يَبْقَى كَلًّا عَلَى النَّاسِ. أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيُّ أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ التَّاجِرُ أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْكُوفِيُّ أَنَا وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ "خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ" (١) وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: الْوَسَطُ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا إِقْتَارٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى "وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا" (٦٧-الْفَرْقَانِ) وَقَالَ طاووس: مَا يَسُرَ، وَالْعَفْوُ: الْيُسْرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ (وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى) "خُذِ الْعَفْوَ" (١٩٩-الْأَعْرَافِ) أَيِ الْمَيْسُورَ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلَّالُ أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ أَنَا

(١) رواه البخاري: في الزكاة - باب: لا صدقة إلى عن ظهر غنى ٣ / ٢٩٤ وفي النفقات. ومسلم: في الزكاة - باب: أن اليد العليا خير من اليد السفلى برقم (١٠٣٤) ٢ / ٧١٧. والمصنف في شرح السنة: ٦ / ١٨٧.

1 / 253