قَالَ: وَهَذِه زلَّة مِنْهُ آفتها التَّقْلِيد، وَلَو كَانَ عَالما بِالنَّقْلِ لم يرتكب هَذِه الْجَهَالَة، لِأَنَّهُ جعل عمدته حَدِيثا بِهَذَا الْوَهم الْوَاضِح.
قَالَ: ثمَّ نقُول: قد رَأينَا الْأَحَادِيث الْمُتَّصِلَة المخرجة فِي الْكتب الْمَعْرُوفَة الْمُصَرّح بِخِلَاف هَذَا فَمن ذَلِك حَدِيث أبي مُوسَى أَن رَسُول الله ﷺ َ لما بعث معَاذًا إِلَى الْيمن وَأَبا مُوسَى قَالَ لَهما «يسرا وَلَا تعسرا وبشرا وَلَا تنفرا وتطاوعا» فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: إِن لنا بسرا أَنا نصْنَع بأرضنا من الْعَسَل يُقَال لَهُ البتع وَمن الشّعير يُقَال (لَهُ) المزر، فَقَالَ النَّبِي ﷺ َ: «كل مُسكر حرَام» حَدِيث مخرج فِي الصَّحِيح وَغَيرهَا من الْكتب، لم يخْتَلف فِي صِحَّته اثْنَان من أهل الْمعرفَة ينْطق بِخِلَاف مَا ورد فِي الحَدِيث الْمُتَقَدّم الْمَقْطُوع الْمَجْهُول رُوَاته، وَأَن الْوَصِيَّة كَانَت لَهما وَلَيْسَ فِيهِ شَيْء من ذَلِك.
قَالَ وَمِمَّا يدل عَلَى إبِْطَال حَدِيث معَاذ أَيْضا أَنا وجدنَا معَاذًا لما سُئِلَ لما لم يكن عِنْده فِيهِ نَص توقف وَلم يجْتَهد رَأْيه.
من ذَلِك مَا رَوَى طَاوُوس عَنهُ قَالَ: أُتِي معَاذ بن جبل بوقص الْبَقر وَالْعَسَل حسبت فَقَالَ: لم يَأْمُرنِي النَّبِي ﷺ َ فيهمَا بِشَيْء.