============================================================
تعالى ليس بمحصور في حالة معلومة ولا هيئة محصورة، وغالب علماء اليمن أهل صلاح وزهد وولاية، كالفقيه ابراهيم الفشلي والفقيه أحد بن موسى بن عجيل، والفقيه أبي بكر الحداد، والفقيه اسماعيل الحضرمي وغيرهم ممن يأتي ذكرهم رحهم الله ونفع بهم، ولا تنافي بين العلم والتصوف عند من له أدن معرفة وعقل، إذ لا تصوف إلا بعلم ولا علم إلا بالعمل، وهو حقيقة التصوف، وقد كان أكابر الصوفية أصحاب علوم وتصانيف وغير ذلك، مثل الشيخ الجنيد والإماء المحاسبي والشيخ أبي طالب المكي، ومثل الشيخ أبي القاسم القشيري والشيخ شهاب الدين السهروردي والشيخ عبدالله اسعد اليافعي وغيرهم من الأكابر، فلا فرق حينئذ بين العالم والصوفي، ولا يلتفت إلى ظهور الرسوم فإنما الشأن في القلوب، وقد كان شيخ الشيوخ من السادة الصوفية عبدالقادر الكيلاني نفعنا الله به امين، يدرس ويفتي ويلبس الطيلان كما هو مشهور عنه ومذكور في كتب أخباره وغيره ، وكذلك القيام بشيء من مصالح المسلمين كالقضاء وغيره لا ينافي الولاية، فسما أعظم من الملك وقد نقل عن جماعة من الملوك الولاية الكاملة كعمر بن عبدالعزيز وغيره، وإنما ذكرت ذلك لئلا يعترض من يقف على ذكر جماعة في هذا الكتاب فيقول: ليس هؤلاء صوفية، وسميت هذا الكتاب المبارك (طبقات الخواص أهل الصدق والاخلاص) ليشمل جميع من اختصه الله تعالى برحمته من أي نوع كان، وهذا حين ابتدىء في الكتاب يسر الله تعالى إتمامه بفضله وكرمه والمسؤول من الله تعالى الإمداد بالعصمة والسداد، إنه ولي ذلك والقادر عليه بمحمد واله المؤمنين.
مخ ۴۱