============================================================
فاتفق انه مرض فلم ينتظره أصحابه الذين زاملوه في القراءة، فلما عوفي ذهب الى بلد شيخه هو وأخوه الفقيه علي، كان صحبه ليستمع منه القراءة، فلما حمي عليهما النهار عدلا الى ظل شجرة، فنام الفقيه محمد، فجاء طائر، فجعل فمه في فمه وجعل يصب فيه شيئا له رائحة طيبة، وأخوه ينظر اليه، فلما استيقظ الفقيه قال لأخيه: ارجع بنا، فرجعا الى بلدهما فاتفق ان مرض الفقيه محمد بعد ذلك، فوصل اليه شيخه الفقيه ابراهيم يزوره. في جماعة من الدرسة، وألقى عليه الفقيه ابراهيم عدة مسائل، فأجاب عنها جوابا شافيا فقال له: يا فقيه محمد، هذا علم أعطيته ليس هذا من القراءة، ثم فتح الله عليه بعد ذلك بمعرفة تامة في دقائق العلوم، وكان له في الحقائق مصنف سماه اللباب: ومن كلامه في الحقيقة قوله: لولا وجود خواص الله مع عوام الله فيما هم فيه من معاصي الله، لعجل الله عقوبة من عصاه، ولكن قال الله تعالى: ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض تفضل على العام بوجمود الخاص ليكون ذلك سببا لتأجيل العقوبة، وربما كان سببا لصفحها وربما كان لتبديلها إحسانا، وأنشد يقول: الا إن وادي الجزع أضحى ترابه من المس كافورا وأعواده رندا وما ذاك إلا أن هندا عشية تشت وجرت في جوانبه بردا ومن كلامه نفع الله به قوله: قال الله تعالى: { وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه، قل فلم يمذبكم بذنويكم} يدل على أن المحب لا يعذب الموب: ومن كلامه : همة تحول حول العرش، وهمة تحول حول الحش، فمن كان همه ما يدخل، كان قيمته ما يخرج، وسئل مرة عن السماع وما يكون فيه من صوت الجلاجل، فقال: والله ما أسمعها تقول إلا الله الله، وكان نفع اللله به كثير الشفقة على المسلمين صابرا في قضاء حوائجهم والشفاعات لهم من الأماكن البعيدة:
مخ ۲۶۸