سنة خمس عشرة ومائة. وحج سفيان بعد موته بستة، وهو ابن تسع سنين. فلم يزل يحج حتى مات.
وقال الاثرم: سألت أحمد عن مقاتل بن سليمان؟ فقال لى: ما أقول؟ لما رأيت أحدا أعلم بالتفسير من مقاتل بن سليمان.
وقال الاثرم: كنت عند خلف البزاز، يوم جمعة. فلما قمنا من المجلس صرت إلى قرن الصّراة. فأردت أن أغتسل للجمعة. فغرقت. فلم أجد شيئا أتقرب به إلى الله جل ثناؤه أكثر عندى من أن قلت: اللهم إن تحينى لأتوبن من صحبة حارث - يعنى المحاسبى.
وقال الاثرم: كان حارث المحاسبى فى عرس لقوم، فجاء يطّلع على النساء من فوق الدرابزين، ثم ذهب يخرجه - يعنى رأسه - فلم يستطع. فقيل له: لم فعلت هذا؟ قال: أردت أن أعتبر بالحور العين.
قال الاثرم، فى أثناء كتاب إلى الثغر: أعاذنا الله وإياكم من كل موبقة، وأنقذنا وإياكم من كل مهلكة. وسلمنا وإياكم من كل شبهة، ومسّكنا وإياكم بصالح ما مضى عليه أسلافنا وأئمتنا.
كتابى إليكم - ونحن فى نعم متواصلة. نسأل الله تمامها، ونرغب إليه فى الزبادة من فضله، والعون على بلوغ رضاه - إن فى كثير من الكلام فتنة، وبحسب الرجل ما بلغ به من الكلام حاجته. ولقد حكى لنا أن فضلا كان يتلاكن فى كلامه، فان فى السكوت لسعة، وربما كان من الامور ما يطيق عنه السكوت. وذلك لما أوجب الله من النصيحة: وندب العلماء من القيام بها للخاصة والعامة، ولولا ذلك كان ما دعا إليه من الخمول أصوب فى دهر قلّ فيه من يستراح إليه، ونشأ فيه من يرغب عنه. ونحن فى موضع انقطاع عن الأمصار، فربما انتهى إلينا الخبر الذى يزعجنا، فنحرص على الصبر. فنخاف وجوب الحجة من العلم.
ولقد تبين عند أهل العلم عظم المصيبة بما فقدنا من شيخنا رضى الله عنه،
1 / 68