123

طبیعت استبداد او مبارزه استعباد

طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد

خپرندوی

المطبعة العصرية

د ایډیشن شمېره

طبعة جديدة منقحة ومضافة بقلم المؤلف

د خپرونکي ځای

حلب

عند البعض بالعجز الطبيعي، أو هو الاستبداد المشؤوم. على أنَّ القدر يصدم سير الترقّي لمحةً، ثمَّ يطلقه فيكرُّ راقيًا. وأما الاستبداد فإنَّه يقلب السير من الترقّي إلى الانحطاط، ومن التقدم إلى التأخر، من النماء إلى الفناء، ويلازم الأمة ملازمة الغريم الشحيح، ويفعل فيها دهرًا طويلًا أفعاله التي تقدَّم وصف بعضها في الأبحاث السابقة، أفعاله التي تبلغ بالأمة حطّة العجماوات فلا يهمها غير حفظ حياتها الحيوانية فقط، بل قد تبيح حياتها هذه الدنيئة أيضًا الاستبداد إباحةً ظاهرة أو خفيّة. ولا عار على الإنسان أنْ يختار الموت على الذل، وهذه سباع الطير والوحوش إذا أُسِرَت كبيرة قد تأبى الغذاء حتى الموت. وقد يبلغ فعل الاستبداد بالأمة أن يحوِّل ميلها الطبيعي من طلب الترقّي إلى التسفُّل، بحيث لو دُفِعَت إلى الرِّفعة لأبت وتألَّمت كما يتألَّم الأجهر من النور، وإذا أُلزِمَت بالحرية تشقى، وربما تفنى كالبهائم الأهلية إذا أُطلِق سراحها. عندئذٍ يصير الاستبداد كالعلق يطيب له المقام على امتصاص دم الأمة، فلا ينفكُّ عنها حتى تموت ويموت هو بموتها. وتوصف حركة الترقّي والانحطاط في الشؤون الحيوية للإنسان؛ أنها من نوع الحركة الدودية، التي تحصل بالاندفاع والانقباض، وذلك أنَّ الإنسان يولد وهو أعجز حراكًا وإدراكًا من كلِّ حيوان، ثمَّ يأخذ في السير، تدفعه الرغائب النفسية والعقلية وتقبضه الموانع الطبيعية والمزاحمة. وهذا سرُّ أن الإنسان ينتابه الخير والشر. وهو سرُّ ما ورد في القرآن الكريم من

1 / 133